للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيدقه فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة" (١).

٤ - أنه لا ينبغي القول بالنسخ طالما أمكن الجمع بين النصوص، فالنصوص المانعة تحمل على حالات، فحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- حمله العلماء على:

(أ) خشية الغدر وعدم الحاجة إلى الاستعانة بالكافر (٢).

(ب) أنه عليه الصلاة والسلام تفرس في الذي قال له: لا أستعين بمشرك، الرغبة في الإسلام فرده، وأجيب بـ "أنها نكرة في سياق النفي فيحتاج مدعى التخصيص" (٣).

(جـ) أن النهي كان في وقت خاص وهو بدر (٤).

أما حديث أبو حميد الساعدي -رضي اللَّه عنه- يمكن حمله على:

(أ) قوة جيش الكفار وكثرته.

(ب) الخشية من الخيانة (٥).

والذي أرجحه في هذه المسألة هو عدم جواز الاستعانة بالكفار في القتال ضد الكفار إلا في حال الضرورة والحاجة، وذلك وفقًا لما تقتضيه مصلحة المسلمين، ويقدره الإمام والعلماء، فالمسألة لا تخرج عن كونها من مسائل الضرورة والحاجة فينبغي أن يطبق عليها ضوابط العمل والأخذ بالضرورة والحاجة، وكذلك الضوابط الخاصة التي وضعها الفقهاء للجواز، واللَّه أعلم.


(١) سبق تخريجه ص ٢٣٧، وقول النصراني (غلب الصليب) أي: انتصرنا ببركة الصليب، (فيغضب رجل من المسلمين) حيث نسبت الغلبة للصليب (فيدقه) أي: يكسر الصليب، انظر: مرقاة المفاتيح، ١٠/ ٦٣.
(٢) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ١٩٩: المبسوط، ١٠/ ٢٣.
(٣) فتح الباري، ٦/ ١٨٠.
(٤) انظر: منح الجليل، ٣/ ١٥١.
(٥) انظر: التعامل مع غير المسلمين، ص ٣٠٧.

<<  <   >  >>