للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يقبلها الإسلام (١)، وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (٢)، ومن المعلوم أن دفع المال للكفار بدون ضرورة ذلة لا عزة.

الدليل الثالث: أن إعطاء المال للكفار في حال عدم الضرورة عكس مصلحة الشرع؛ لأن اللَّه عز وجل شرع أخذ الجزية منهم، وفي إعطائها وأشباهها لهم إلحاق الصغار والذل بالمسلمين (٣).

فهذه الأدلة السابقة وغيرها تدل على عدم جواز دفع المال إلى الكفار في حال قوة المسلمين، أما في حال استضعاف الدولة الإسلامية واضطرارها إلى دفع المال إلى الكفار، فهل يجوز حينئذ ذلك.

والجواب يتضح ببيان ما بحثه الفقهاء في مسألة اشتراط أهل الحرب على المسلمين دفع المال لهم في حال الضرورة والخوف واتفقوا على الجواز، بل ذهب بعضهم إلى الوجوب حال الضرورة بأن كانوا يعذبون الأسرى ففديناهم، أو حالة الحصار وخوف الاصْطِلام (٤).

واستدلوا لذلك بما يلي:

الدليل الأول: فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الأحزاب فقد شاور أصحابه في أن يصالح غَطفان على شطر ثمار المدينة، ليكفوا عن المدينة ويفرق الأحزاب وكتب بذلك صحيفة (٥).


(١) انظر: مغني المحتاج، ٦/ ٨٨، وشرح صحيح البخاري، ٥/ ٣٥٥.
(٢) سورة المنافقون، من الآية [٨].
(٣) انظر: التاج والإكليل، ٤/ ٦٠٤، ومنح الجليل، ٣/ ٢٢٩، وأسنى المطالب، ١/ ٥٢٤.
(٤) انظر: المبسوط، ١٠/ ٨٧، والعناية شرح الهداية، ٥/ ٤٥٩ - ٤٦٠، ومنح الجليل، ٣/ ٢٢٩، والذخيرة في فروع المالكية، أحمد بن إدريس القرافي، تحقيق: أحمد عبد الرحمن، دار الكتب العلمية: بيروت، ط ١، ١٤٢٢ هـ، ٣/ ٤٤٩، ومغني المحتاج، ٦/ ٨٨، والأشباه والنظائر، ص ٤٩١، والإنصاف، ٤/ ٢١١، والمغني، ٩/ ٢٣٩، والكافي، ٤/ ٣٤٠، والمراد بالاصْطِلام: الاسْتِئْصالُ، واصْطُلِمَ القوم: أُبيدوا، لسان العرب، مادة: (صَلَمَ).
(٥) سبق تخريجه ص ٦١.

<<  <   >  >>