للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الولدان في الآية يشير إلى ظلم قريش للمستضعفين، حتى بلغ أذاهم الولدان غير المكلفين؛ إرغاما لآبائهم وأمهاتهم (١).

والآية فيها حث من اللَّه لعباده المؤمنين وتهييج لهم على القتال في سبيله، وأن ذلك قد تعين عليهم، لتخليص المستضعفين، بل وتوجه اللوم العظيم عليهم بترك نصرتهم، وقد استجاب اللَّه دعاء المستضعفين بأن يسر لبعضهم الخروج إلى المدينة، ويسر لبعضهم الخروج مع أبي بصير (٢) وأبي جندل (٣) -رضي اللَّه عنهما- بعد صلح الحديبية، وجعل لمن بقي منهم


(١) انظر: مفاتيح الغيب، ٥/ ٢٨٤.
(٢) هو عتبة بن أسيد بن جارية بن أسيد بن عبد اللَّه بن غِيَرة بن عوف بن ثقيف حليف بني زهرة، مشهور بكنيته أبو بصير، فر من قريش وانضم إليه جماعة من المستضعفين بمكة وكان أميرهم ويؤمهم بالصلاة، وكان يكثر أن يقول:
الحمد للَّه العلي الأكبر ... من ينصر اللَّه فسوف ينصر
وكتب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- له لكي يقدم بمن معه -بعد مناشدة قريش له وقف الهجمات على قوافلها- فورد الكتاب وهو يموت فمات وكتاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيده فدفنه أبو جندل وصلى عليه. انظر ترجمته: الإصابة في تمييز الصحابة، أحمد بن علي بن حجر، اعتنى به: حسان عبد المنان، الأردن: بيت الأفكار الدولية، ط ١، ٢٠٠٢ م، ص ٨٨٠.
(٣) اسمه أبو جندل بن سهيل بن عمرو القرشي العامري واسمه العاص. أسلم بمكة فطرحه أبوه في حديد فلما كان يوم الحديبية جاء يرسف في الحديد وكان أبو سهيل قد كتب في كتاب الصلح: إن من جاءك منا ترده علينا فخلاه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لذلك، ثم إنه أفلت بعد ذلك فلحق بأبي بصير وكان معه في سبعين رجلًا من المسلمين بالعيص يقطعون على من مر بهم من عير قريش وتجارتهم فكتبوا فيهم إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يضمهم إليه فضمهم إليه فقدم أبو جندل ومن معه للمدينة فلم يزل يغزو مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى قبض فخرج إلى الشام في أول من خرج إليها من المسلمين فلم يزل يغزو في سبيل اللَّه حتى مات بالشام في طاعون عمواس بالأردن سنة ثمان عشرة في خلافة عمر ولم يترك أبو جندل عقبا. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ٤/ ٤٣٣، وسير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد الذهبي، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ١، ١٤٠٥ هـ، ١/ ١٩٢.

<<  <   >  >>