فإن قيل: إنه إبطال لحق النفس لا الغير، قيل: بل هو إبطال لحق النفس والغير، فالاعتراف يترتب عليه إبطال حق المسلمين في الماضي، والحاضر، والمستقبل، حتى يغدو الاعتراف مستندًا لليهود وغيرهم في عدم أحقية المسلمين في المستقبل لهذه الأرض وما فيها من مقدسات.
الدليل الثالث: أن المفسدة المترتبة على الاعتراف أعظم من المفسدة المترتبة على عدم الاعتراف، بل إن مفسدة الاعتراف محققة؛ لأنها إقرار للعدو على ما ارتكبه من مجازر وجرائم، وما اغتصبه من حقوق ومقدسات، كما أن من الشروط التي وضعها الفقهاء للإتيان بالفعل المكره عليه، أن يكون الإتيان به مُنجيًا من الضرر، ونحن نعلم من أحوال اليهود وأخبارهم وأخلاقهم التي أخبرنا بها الحكيم الخبير، والرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، أنهم لا يفوا بالعهود والمواثيق، كما أن واقعهم المعاصر خير شاهد على بقاء وتأصل هذا الأمر فيهم حتى اليوم.
ومن جملة المفاسد المترتبة على الاعتراف بالكيان الصهيوني إسقاط حق المسلمين في المقدسات أو حتى المطالبة بها، بل وإسقاط حق المسلمين في الجهاد والمقاومة، بل وعدم مشروعيتها ومحاكمة المجاهدين وملاحقتهم.
الدليل الرابع: القرآن يشهد والواقع يؤكد أن الصهاينة لا يلتزمون بالوعود والمواثيق، قال تعالى:{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}(١)، وقد جرب التفاوض والاعتراف والتنازل تحت شعار الواقعية مع الكيان الصهيوني، وتورطت بسببه منظمة التحرير فتنازلت عن مبادئها، فما الذي جنته من وراء ذلك؟ حتى الدول العربية التي طبعت مع الكيان واعترفت به، ما الذي جنته طوال تلك السنين؟.