للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بالمحدث هو من يأتي بفساد في الأرض بفعل جناية أو معصية توجب الْحَدَّ أو بدعة في الدين أو ظلم (١)، "ومن أَعظَمِ الحَدَثِ تَعطِيلُ كتابِ اللَّه وسُنَّةِ رسُولهِ، وإِحدَاثُ ما خَالفَهُمَا، وَنَصرُ من أَحدَثَ ذلك والذَّبُّ عنه" (٢)، قال ابن تيمية رحمه اللَّه: "ومن آوَى مُحَارِبًا، أَو سَارِقًا، أَو قَاتِلًا ونَحْوَهُم، ممَّن وجب عَلَيْهِ حَدٌّ أَو حَقٌّ للَّه تَعَالَى أَو لآدَمِيَّ، ومَنَعَهُ مِمَّن يَسْتَوْفِي منْهُ الوَاجِبَ بِلا عُدْوَانٍ، فَهُوَ شَرِيكُهُ في الجُرْمِ. ولقد لَعَنَهُ اللَّه ورَسُولُهُ" (٣)، فمن آوى المحاربين فقد شاركهم في الإثم فاستحق اللعنة، وكذلك من غير منار الأرض وتلاعب بعلاماتها، ولا شك أن من باع الأرض للكافر المحارب أو أجرها له يكون أشد إثمًا، وأعظم ضررًا على المسلمين، فمن غير منار أرض سرق أمتارًا أو أقل له ولذريته وهو مسلم، أما من باعها للمحتل فقد سرق أرض الأمة، وأجيال المسلمين وتنازل عن تضحيات من حفظها وفتحها، وباع حق القادم من أبنائها، ولا عذر له بالاضطرار، لأن الاضطرار لا يسقط حق الغير كما هو مقرر لدى الفقهاء (٤).


(١) والمحدث: "بضم أوله وسكون الحاء المهملة وبعد الدال مثلثة، أي" أحدث المعصية"، فتح الباري، ١٣/ ٢٨١، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٣/ ١٤١، وتبيين الحقائق، ٤/ ١٣٥، وفتح الباري، ١٣/ ٢٨١، والمفهم لما أشكَل من تَلخِيصِ كتاب مُسلم، أحمد بن عمر القرطبي، تحقيق: محيي الدين ديب، ويوسف بديوي، وأحمد السيد، ومحمود بزال، دار ابن كثير، ودار الكلم الطيب: دمشق - بيروت، ط ١، ١٤١٧ هـ، ٣/ ٤٨٧.
(٢) إعلام الموقعين، ٤/ ٤٠٥.
(٣) السياسة الشرعية، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد: المملكة العربية السعودية، ط ١، ١٤١٩ هـ، ص ١١٩.
(٤) انظر: درر الحكام، ١/ ٣٨، وقواعد الفقه، ١/ ٦٠، وشرح القواعد الفقهية، ١/ ٢١٣، وحاشية ابن عابدين، ٣/ ٣٩١.

<<  <   >  >>