للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس الغرض هنا عرض الأقوال في المسألة أو الترجيح، وإن كان الفقهاء قد اتفقوا على وجوب تغطية المرأة لوجهها إذا خشيت في كشفه الفتنة، وإن لم تخش في كشفه الفتنة فهذا محل الخلاف بينهم، إنما المراد بيان حكم نزع النقاب حال الاستضعاف عند القائلين بوجوب تغطية الوجه، فإن المستضعف إن كان ممن يرى عدم وجوب التغطية فلن يقع في هذا الإشكال فيما يتصل بالنقاب، وإن كان ممن يرى وجوب التغطية فيسعه في حال الضرورة والحاجة الأخذ بالقول المرجوح (١)، وهذا الأمر ينبني على قاعدة الاستحسان (٢).


(١) قال الشاطبي رحمه اللَّه محذرًا من التساهل في الأخذ بالقول المرجوح بشكل عام: "وربما استجاز هذا بعضهم في مواطن يدعى فيها الضرورة وإلجاء الحاجة بناء على أن الضرورات تبيح المحظورات، فيأخذ عند ذلك بما يوافق الغرض، حتى إذا نزلت المسألة على حالة لا ضرورة فيها ولا حاجة إلى الأخذ بالقول المرجوح أو الخارج عن المذهب أخذ فيها بالقول المذهبي أو الراجح في المذهب، فهذا أيضًا من ذلك الطراز المتقدم فإن حاصله الأخذ بما يوافق الهوى الحاضر، ومحال الضرورات معلومة من الشريعة"، الموافقات، ٤/ ١٤٥.
(٢) عرف الاستحسان عند الحنفية بأنه: "ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس، وقيل الاستحسان طلب السهولة في الأحكام فيما يبتلى فيه الخاص والعام"، المبسوط، ١٠/ ١٤٥، كما عرف بأنه: "دليل يقابل القاس الجلي الذي يسبق إليه الإفهام"، البحر الرائق، ١/ ١١٨، وعرفه المالكية: "الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي"، وعرف: "إيثار ترك مقتضى الدليل على طريق الاستثناء والترخص لمعارضة ما يعارض به في بعض مقتضياته"، الموافقات، ٤/ ٢٠٦ - ٢٠٨، كما عُرف بأنه: "الالتفات إلى المصلحة والعدل"، بداية المجتهد، ٢/ ١٤٠، وعرفه الحنابلة بأنه: "العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة"، روضة الناظر، ١/ ١٦٧، ورده الشافعية، إن كان بغير قياس ولا دليل، انظر: الأم، ٧/ ٩٤، وبالتالي فالخلاف لفظي إذ أن الاستحسان بلا دليل لا يقول به أحد.

<<  <   >  >>