للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالاستحسان غير خارج عن مقتضى الأدلة، إلا أنه نظر إلى لوازم الأدلة ومآلاتها، ومقتضاه الرجوع إلى تقديم دليل على دليل، فهو رجوع إلى ما عُلم من قصد الشارع في الجملة في أمثال تلك الأشياء المفروضة (١)، وليس مجرد الرجوع إلى مجرد التشهي والهوى، وأما الاستحسان المجرد ليس بحجة في الشرع.

فإن كان لبس النقاب في حال الاستضعاف سيؤدي إلى فوات مصلحة من جهة أخرى، أو جلب مفسدة فإن تركه جائز، بل قد يجب لحفظ النفس في حال الخوف من الضرر كالقتل أو الضرب، كما يقع في بلاد الغرب أحيانًا من ردة فعل على خلفية بعض الأحداث، قال الشاطبي رحمه اللَّه: "ولو بقينا مع أصل الدليل العام لأدى إلى رفع ما اقتضاه ذلك الدليل من المصلحة، فكان من الواجب رعى ذلك المآل إلى أقصاه، ومثله الاطلاع على العورات في التداوي والقراض والمساقاة وإن كان الدليل العام يقتضي المنع، وأشياء من هذا القبيل كثيرة هذا نمط من الأدلة الدالة على صحة القول بهذه القاعدة" (٢).

وينبغي على المسلمين في الدول الإسلامية التصدي لمحاولات نزع الحجاب، ولا شك أن أحوالهم ليس كأحوال المسلمين في الغرب، وأما المسلمون في الغرب فينبغي على الدول الإسلامية أن تساند موقفهم وتطالب بحقوقهم، وإن مجرد التلويح بقطع العلاقات الاقتصادية أو خفضها كفيل لكي يتراجع الغرب عن قراراته الظالمة في حق المسلمات، وإن لم تقم الحكومات بهذا الواجب فإن على الشعوب المسلمة نصرة إخوانها من خلال


(١) انظر: المغني، ٦/ ١٧٣، وبداية المجتهد، ٢/ ٢٠٩.
(٢) الموافقات، ٤/ ٢٠٧ - ٢٠٨.

<<  <   >  >>