للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الحديث نص في تفضيل الضعيف على القوي، وقد ورد عكسه كما في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (المؤمن القوي خير وأحب إلى اللَّه من المؤمن الضعيف وفي كل خير. . .) (١)، وهو نص في تفضيل القوي على الضعيف، وقد جمع الإِمام النووي رحمه اللَّه بين الحديثين فقال: "والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس والْقَرِيحَة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقدامًا على العدو في الجهاد، وأسرع خروجًا إليه، وذهابًا في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات اللَّه تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، وأنشط طلبًا لها، ومحافظة عليها ونحو ذلك" (٢)، وأما مدح الضعيف "فمن حيث رقة القلوب ولينها واستكانتها لربها وضراعتها إليه" (٣)، كما يحمل مدح الضعف في حال التعامل مع المسلمين كما قال سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ. . .} (٤).

٦ - قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إنما ينصر اللَّه المسلمين بدعاء المستضعفين) (٥)، وقال عليه


(١) أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة باللَّه، رقم: ٢٦٦٤.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٩/ ١٩.
(٣) فيض القدير، ٣/ ١٠٠.
(٤) سورة الفتح، من الآية [٢٩].
(٥) المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: طارق الحسيني، القاهرة: دار الحرمين، ط ١، ١٤١٥ هـ، ٤/ ٢٦٣، وجاء في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، علي بن أبي بكر الهيثمي، القاهرة، بيروت: دار الريان للتراث، ودار الكتاب العربي، ط ١، ١٤٥٧ هـ، ٥/ ٣٢٩: "فيه علي بن سعيد الرازي، قال الدارقطني: ليس بذاك، وقال يونس: كان يحفظ ويفهم وبقية رجاله ثقات". قال الحافظ في الفتح، ٦/ ٨٩: "أخرجه أبو نعيم في ترجمته في الحلية من رواية عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن عمرو بن مرة، وقال: غريب من حديث عمرو تفرد به عبد السلام".

<<  <   >  >>