للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١)) (٢).

وقد قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في تفسير هذه الآية: (يوسع لهم في البلاد حتى يملكوها ويظهر دينهم على سائر الأديان) (٣)، "ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أنه وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات من هذه الأُمّة: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} أي: ليجعلنهم خلفاء الأرض، الذين لهم السيطرة فيها، ونفوذ الكلمة، والآيات تدلّ على أن طاعة اللَّه بالإيمان به، والعلم الصالح سبب للقوّة والاستخلاف في الأرض ونفوذ الكلمة" (٤).

وعن ثوبان -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إن اللَّه زَوَى (٥) لي الأرض فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وإن أمتي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لي منها، وَأُعْطِيتُ الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سَأَلْتُ رَبِّى لأمتي أَن لا يُهلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ (٦)، وأن لا يُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا


(١) سورة النور، الآية [٥٥].
(٢) أخرجه الحاكم، وقال: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، وقال الذهبي في التلخيص: "صحيح".
(٣) معالم التنزيل، ٣/ ٣٥٤.
(٤) أضواء البيان، ٥/ ٥٥٣.
(٥) زوى لي "أي: جمعها لي جمعًا أمكنه الإشراف على ما زوي له منها والنظر إليه والمعرفة به"، تفسير غريب ما في الصحيحين البخارى ومسلم، محمد بن أبي نصر فتوح الأزدي الحميدي، تحقيق: د. زبيدة محمد، القاهرة: مكتبة السنة، ط ١، ١٤١٥ هـ، ١/ ٢٣٤.
(٦) قال النووي رحمه اللَّه: "أى: لا أهلكهم بقحط يعمهم، بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسيرة بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه"، شرح النووي على صحيح مسلم، ١٨/ ١٤.

<<  <   >  >>