للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ (١)، وإن رَبِّى قَالَ: يَا محمد إني إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فإنه لا يُرَدُّ وإني أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أن لا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وأن لا أُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا من سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عليهم من بِأَقْطَارِهَا -أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا- حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِى بَعْضُهُمْ بَعْضًا) (٢)، وفي رواية: (سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بما هلك به الأمم قبلها فأعطانيها، وسألت ربي أن لا يظهر عليها عدوا من غيرها فأعطانيها، وسألت ربما أن لا يلبسها شيعا فمنعنيها) (٣).

"وفي هذا الحديث دليل واضح على أن دين محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يزال إلى أن تقوم الساعة، ولا يهلك أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- عدو يستأصلها أبدًا، وأنها في أكثر أقطار الأرض والحمد للَّه كثيرا" (٤)، قال ابن حجر رحمه اللَّه: "المراد أن ذلك لا يقع لجميعهم، وإن وقع لأفراد منهم غير مقيد بزمان. . . فإن الغرق والجوع قد يقع لبعض دون بعض لكن الذي حصل منه الأمان أن يقع عاما" (٥)، فدل هذا الحديث على أن "تسليط العدو الكافر قد يقع على بعض المؤمنين، لكنه لا يقع عمومًا فكذلك الخسف والقذف" (٦).


(١) قوله: (فَيَسْتَبِيح بَيْضَتهمْ) أَيْ: جَمَاعَتهمْ وَأَصْلهمْ، وبيضة الدار معظمها ووسطها"، انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم، ١/ ٢٣٤.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، رقم: ٢٨٩٠.
(٣) مسند الشاميين، سليمان بن أحمد الطبراني، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ١، ١٤٠٥ هـ، ٣/ ٧١.
(٤) التمهيد، يوسف بن عبد اللَّه بن عبد البر النمري، تحقيق: مصطفى العلوي، ومحمد البكري، المغرب: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط ١، ١٣٨٧ هـ، ١٩/ ١٩٧ - ١٩٨.
(٥) فتح الباري، ٨/ ٢٩٣
(٦) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، محمد عبد الرحمن المباركفوري، بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، د. ت، ٨/ ٣٤٩.

<<  <   >  >>