منها ما كان في السلف من الواضحات المعلومات من ضرورة الدين ...
ومنها ما هو بدعة محضة منتمية إلى علم الأوائل ... إلى أن قال: إنما ننبِّهُ على بعض مفاسدها:
فمن ذلك أن الإنسانَ أوَّل ما يقرعُ سمعه أنَّ الدين منقسم إلى أصولٍ وفروعٍ، والفروعُ سهلٌ - وإنما شاع قولهم: كل مجتهد مصيب في الفروع - إنَّما الشأنُ في الأصولِ، مَنْ لَمْ يعرفْها: فَدِينُهُ مُنثَلِمٌ؛ فَيَسْتَقِرُّ هذا عند الطالبِ وهو يَعْلَمُ مِنْ نفسِهِ أنه لم يُفْطَرْ على تحقيقِ تلك المباحثِ، ولا يَحْمِل نفسَه أنْ يقالَ فيه: إنّ دينهُ منثلِمٌ، سِيما وقد يكون ذلك الثَّلْمُ في أفواهِ بعضهم يبلغ الكفر ...» اهـ.
فإذا نُشِّىءَ الأتباع على أن الخلافَ في الفروعِ سهلٌ، وإنما الشأن في الأصول، حَصَلَ من ذلك صَدَّ عن سبيل الله، وتغريرٌ بالجهلة المبتدئين؛ فلا يُلْقُوْنِ لهذه الفروع بالاً، وَلا يًقيْمُونَ لها وزناً، ولا يَبْذِلُوْن جهدهم في التوصّل إلى الحقّ، فتذبل الأذهان، وتكسدُ أسواق العلم، ونُفْجَأُ بجيلٍ أشبه ما يكون بالعجماوات، كلُّ ذلك وأضعافٌ مضاعفة من المفاسِدِ تَحِلُّ بسبب هذه الشبهة الممقوتة، التي يروّجها أقطاب الحزبيِّين.
* * *
ومن شبههم أيضاً: أن المسلمين اليوم يعانون ضعفاً شديداً، به تَسَلَّطَ الأعداءُ عليهم، وساموهم سوء العذاب، ففي كلّ صقعٍ من الأصقاع تَرَى مذابح المسلمين الجماعيَّة، وانتهاكَ أعراضهم، وإهانتهم