للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتّمسّكِ بها وإنْ دقَّتْ» إنما هي تَبَايُن المقابلة، كتباين النقيضين: العَدَمِ والوجود، أو تبادين الضدَّين: السَّوادِ والبياضِ.

فتخيَّلَ هؤلاءِ أن «مواجهة الأعداء» و «التمسكَ بالفروعِ» متباينانِ تباينَ مقابلة، بحيث يستحيلُ اجتماعهما، فكان من نتائج ذلك: هذه المعارضة المتهافتة.

والتحقيق أنّ النّسْبَةَ بين الأمرين - بالنظر إلى العقل وحده - إنما هي: تباين المخالفة، وهي: أن تكون حقيقة كل منهما في حدّ ذاتها تباين حقيقة الآخر، ولكنهما يمكن اجتماعهما عقلاً في ذاتٍ أخرى، كالكلام والقعود فإن حقيقة الكلام تباين حقيقة القعود، مع إمكانِ أن يكون الشخص الواحد قاعداً متكلماً في وقتٍ واحدٍ.

وهكذا فالنسبة بين «جهاد الأعداء ومواجهة تآمرهم» وبين «الدعوة إلى الفروع والتمسك بها وتعليمها للناس» من هذا القبيل.

فالمتمسكُ بالفروعِ يجوز عقلاً أن يواجه أعداءه ويجاهدهم، إذ لا مانع في حكم العقل من كون المحافظ على أوامر الله واجتناب مناهيه مشتغلاً بجهاد أعدائه بكلّ ما في طاقته.

أما بالنظر إلى أدلة الكتاب والسنَّة، كقوله تعالى:

{وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ}.

وقوله عز وجل:

{إِن تَنصُرُوا اللهَ ينَصُرْكُمْ}.

وغير ذلك من النصوص، فإن النسبةَ بين التمسك بالشعائر

<<  <   >  >>