فالمفسِّرُونَ يَعْلَمُونَ اختلافَ مراتِبِ المذكُورِين؛ روى ابنُ وَهْبٍ عن ابنِ زيدٍ: قال: «والزَّوْجُ له فَضْلٌ، والآباءُ مِن وراءِ الرجلِ لهم فَضْلٌ، قال: والآخَرُونَ يتفاضَلُون، قال: وهذا كلُّه يجمَعُه ما ظهَرَ مِن الزينةِ»؛ أخرجَه ابنُ جريرٍ (١).
فقولُ عبدِ الرحمنِ بنِ زيدِ بنِ أسلَمَ:«وهذا يجمَعُه ما ظهَرَ مِن الزِّينَةِ»؛ يعني: أنَّ المذكُورِين همُ المَحَارِمُ وهم المَعْنِيُّون بقولِه قبلَ ذلك: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، وليس الأجانبَ، فذُكِرُوا للبيانِ والإيضاحِ، والزوجُ له فضلٌ على الجميعِ وخَصُوصيةٌ؛ كما قالَه ابنُ زيدٍ.
التَّدَرُّجُ في فرضِ الحجابِ:
يَذْهَبُ بعضُ المفسِّرينَ إلى أنَّ الحجابَ لم يُفْرَضْ جملةً واحدةً؛ وإنما جاء متدرِّجاً، فأوَّلُ ما نزلَ وذُكِرَ فيه عمومُ المؤمناتِ: آياتُ النُّورِ، ثم آياتُ سورةِ الأحزابِ، ومِن هؤلاءِ ابنُ جريرٍ الطبريُّ، وأبو بكرٍ الجَصَّاصُ، وابنُ تيميَّةَ، وغيرُهم، وهؤلاءِ يتفِقون مع غيرِهم في الغايةِ والنهايةِ التي استقَرَّ عليها الحُكْمُ، وإنِ اختلَفُوا مع غيرِهم في المراحِلِ، وكثيرٌ ممن ينظُرُ في كتبِ المفسِّرِين، ينظُرُ في