بالجَسَارةِ؛ ولذا جاء الوحيُ مُتَمِّماً للفطرةِ في كلِّ واحدٍ منهما.
وشدَّدَ اللهُ على الرجُلِ في غَضِّ البصرِ، وشدَّدَ على المرأةِ في الحجابِ؛ حتى يَقِلَّ ما بينهما مِن تجاذُبٍ ومَيْلٍ، ولا يعني هذا أنه يجوزُ للرجلِ إبداءُ مفاتِنِه؛ فيَفْتِنُ، ولا أنه يجوزُ للمرأةِ إطلاقُ بصَرِها؛ فتُفْتَن؛ ولكنَّ الوحيَ يشُدُّ الحبالَ المرتَخِيةَ في النفوسِ، أشدَّ مِن الحبالِ الثابتةِ فيها، وأقرَبُ الناسِ إلى السقوط يُجذَبُ أشدَّ مِن البعيدِ عنها، حتى تكتمِلَ فطرةُ العفافِ وتصِحَّ، فإذا لم يَغُضَّ الرجلُ بصَرَه، فإنَّ المرأةَ تدفَعُ فتنَتَه بحجابِها، وإن لم تتحَجَّبِ المرأةُ فالرجلُ يدفَعُ فتنَتَها بغَضِّ بصرِه؛ ولهذا ربَطَ اللهُ بينَ غَضِّ البصرِ وبين الزِّنَى؛ لأنَّه سببٌ له، فقال للرجالِ:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}[النُّور: ٣٠]، وقال للنساء:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النُّور: ٣١]؛ ولكنه زاد في النساء:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}[النُّور: ٣١].