عورةِ النظرِ وعورةِ السترِ؛ فلا ينسُبُون للشافعيِّ جوازَ كشفِ المرأةِ لوجهِها إلا في سياقاتِ عورةِ الصلاةِ والسترِ، وإنما ينسُبُون إليه وجوبَ تغطيَتِها لوجهِها في سياقِ عورةِ النظرِ -يعني: وجودَ الناظِرِينَ- قال الشِّهَابُ:«ومذهَبُ الشافعيِّ رحمه الله -كما في «الروضةِ»، وغيرِه-: أنَّ جميعَ بدنِ المرأةِ عورةٌ حتى الوجهُ والكَفُّ مطلقاً، وقيلَ: يَحِلُّ النظرُ إلى الوجهِ والكفِّ إن لم يُخَفْ، وعلى الأَوَّلِ: هما عورةٌ إلا في الصلاةِ، فلا تبطُلُ صلاتُها بكشفِهما» (١). انتهى.
وما يُنْسَبُ للشافعيِّ ومالِكٍ وأبي حنيفةَ: أنهم يجيزونَ كشفَ وجهِ المرأةِ عندَ الرجالِ الذين لا يجوزُ لهم النظرُ إليها، ولا يَغُضُّون أبصارَهم عنها، خطأٌ شاعَ عند المتأَخِّرِين، ولا يَسْتَطِيعونَ إثباتَه عنهم صريحاً؛ وسببُهُ عدمُ تتبُّعِ أقوالِهم في عورةِ السترِ؛ وعورةِ النظرِ، والتفريقِ بينهما.
وأمَّا أحمدُ بنُ حنبلٍ: فالنصوصُ عنه كثيرةٌ، وهو يأمُرُ بتغطيةِ المرأةِ لوجهِها؛ لكونِه عورةً تستُرُه الحرةُ لذاتِه ولو لم تكنْ فيه فتنةٌ؛ قال أحمدُ: «كُلُّ شيءٍ مِن المرأةِ
(١) انظر: «حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي» (٦/ ٣٧٢).