ومَن لم يَعْرِفْ أزمنةَ نزولِ آياتِ الحجابِ، ولم يَجْمَعْ أقوالَ الصحابةِ في آياتِ الحجابِ والسَّتْرِ بعضَها إلى بعضٍ، وينظُرْ في مذاهِبِهم فيما تعلَّقَ ببابِ لباسِ المرأةِ وسترِها وحجابِها -: أشكَلَ عليه ذلك، وضَرَبَ بعضَها ببعضٍ، على ما تقدَّمَ بيانُه؛ فآياتُ الحجابِ في سورةِ النُّورِ والأحزابِ لم تَنْزِلْ دَفْعَةً واحدةً، وأقوالُ الصحابةِ في التفسيرِ تتنوَّعُ حسَبَ الحالاتِ والمواضِعِ ولا تتعارَضُ، ومِن بابِ أَوْلَى أقوالُ الصحابيِّ في المسألةِ الواحدةِ، كما تقدَّمَ.
فاللهُ تعالى ذكَرَ في الآيةِ الزِّينةَ، وجعلَها إجمالاً على نوعَيْن:
الأوَّل: الزِّينةُ الباطِنةُ، التي يكونُ الأصلُ فيها عدمَ الظهورِ، وهذا في قولِه:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، ثم أتبَعَها بالاستثناءِ.
الثاني: الزينةُ الظاهرةُ، التي تظهَرُ لمن خَصَّهُم اللهُ بها، بقولِه:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، وبعضُ الناظِرِين لتفسيرِ السلفِ لقولِه:{إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يَحْمِلُ تفسيرَهم أنَّهنَّ يُظْهِرْنَهُ للأجانبِ غيرِ