وكذلك إنْ كانَ الزِّنَى ينتشِرُ في بلدٍ، فيُنْهَوْنَ عن الزنى ويُتغافَلُ عن وسائِلِه، حتى تَتوطَّنَ النفوسُ على تحريمِه، ثم يُتدرَّجُ في ترتيبِ الوسائلِ بحسبِ قُرْبِها مِن المقاصِدِ، فأقرَبُ وسائلِ الزنى: الخَلْوةُ، فيُشدَّدُ فيها، ثم يَلِيها الاختلاطُ في التعليمِ والعمَلِ، والتغافُلُ عن الوسائلِ لا يعني إباحتَها.
وأن كان البلدُ في عُرْيٍ تُؤْمَرُ المُسلِماتُ بتغطيةِ عورةِ السترِ قبلَ عورةِ النظَرِ، حتى تَتوطَّنَ نفوسُهُنَّ، فيؤمَرْنَ بما دُونَه، وهكذا لا يؤمَرُ بفرعٍ لم يثبُتْ أصلُه، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يُثبِّتُ الأصولَ قبلَ فروعِها.
وقد تَتبايَنُ البلدانُ في قربِها وبعدِها عنِ الإسلامِ، فيجبُ أن تَتبايَنَ البِدَايَاتُ فيها؛ فإنَّه يُبدَأُ في كلِّ بلدٍ بما انتَهَتْ إليه مِن القُرْبِ إلى الخَيْرِ، فتُدْعَى إلى ما بعدَه.
وقد تَمْدَحُ في بلدٍ ما تَذُمُّه في آخَرَ، وإن كانَا في زمنٍ واحدٍ؛ فقد يكونُ أحدُ البلدانِ في عُرْيٍ، وبلدٌ أُخرى في احتشامٍ، فتَمْدَحُ المتعرِّيةَ إنْ غطَّتْ رأسَها ولو أبقَتْ وجهَها، وتَذُمُّ المحتشِمَةَ إنْ كشفَتْ وجهَها وإنْ غطَّتْ رأسَها؛ لأنَّ الأُولَى اقتربَتْ إلى الحقِّ فتُمدَحُ ولو لم تَصِلْ إلى الخيرِ التامِّ، والثانيةُ ابتعَدَتْ عند الخيرِ فتُذَمُّ ولو لم