قال الشافعيُّ:«ينظُرُ إلى وجهِها وكفَّيْها، ولا ينظُرُ إلى ما وراءَ ذلك»، ثم قال البيهقيُّ معلِّقاً وموضِّحاً لقولِ الشافعيِّ:«وهذا لأنَّ اللهَ جلَّ ثناؤُه يقولُ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور: ٣١]، قيل عنِ ابنِ عباسٍ وغيره: هي الوجهُ والكفَّانِ ... وأما النظرُ -بغيرِ سببٍ مبيحٍ- لغيرِ مَحْرَمٍ، فالمنعُ منه ثابتٌ بآيةِ الحجابِ، ولا يجوزُ لهنَّ أن يُبْدِينَ زينَتَهُنَّ إلا للمذكُورِينَ في الآيةِ مِن ذَوِي المحارمِ»(١)، وفرَّقَ البيهقيُّ بين تجويزِ الشافعيِّ نظرَ الرجلِ للمخطوبةِ، واستدلالِه له بالآيةِ وقولِ ابنِ عباسٍ، وبينَ كشفِها لوجهِها وكفَّيْها، فمَنَعَهُ إلا للمحارمِ، ففرقٌ عندَ الشافعيِّ بين عورةِ النظرِ التي تجوزُ لحاجةٍ، وبينَ عورةِ السترِ التي لا تجوزُ مطلقاً، وسترُ المرأةِ لوجهِها عن النظرِ عند الجمهورِ لا لكونِه عَوْرةً.
ومِن الواجبِ التنبيهُ على أنَّ الفقهاءَ يفرِّقُونَ بين عورةِ الحُرَّةِ وعورةِ الأَمَةِ، وأنَّ الأَمَةَ يُبتَلَى بخروجِها وتعامُلِها في الأسواقِ، وكلامُ الفقهاءِ في الأخذِ والعطاءِ وحاجةِ الرجلِ إلى النظَرِ العابِرِ جُلُّه للإماءِ لا للحرائرِ،