للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال هِرَقْلُ: «هذه صفةُ نَبِيٍّ» (١).

ولعِظَمِ هذا الأصلِ الفِطْرِيِّ؛ العفافِ، جعَلَ اللهُ له حُرَّاساً وحُمَاةً؛ فضلاً عن حمايةِ الإنسانِ الواحدِ نَفْسَه، حتَّى يقاوِمُوا دوافِعَ تمرُّدِ الواحدِ على فطرتِه؛ فخلَقَ اللهُ في الإنسانِ الغَيْرَةَ على غيرِه، كما تغارُ الزوجةُ على زوجِها، فتكونُ رقيبةً عليه، ويكونُ هو لغَيْرتِه رقيباً عليها، والوالدُ مع بِنْتِه، والأخُ مع أُخْتِه، والعكسُ كذلك، بل تقَعُ الغَيْرةُ بين الغرباءِ بعضِهم على بعضٍ، جعَلَهم اللهُ حُرَّاساً، يتناوَبُون على عدمِ تمرُّدِ الواحدِ على عفافِ نَفْسِه، وعفافِ غيرِه.

وتغييرُ الفطرةِ أخطرُ مِن تغييرِ سُنَنِ الكَوْنِ، وأشدُّ أَثَراً على دِينِ الإنسانِ، وقد كان نبيُّ اللهِ موسى عليه السلام حَيِيّاً سَتِيراً، وكان يستَحْيِي أن يبدُوَ مِن جِلْدِه ما يتساهلُ بنو إسرائيلَ في إبدائِه، حتى آذَوْهُ وقالُوا: ما يستتِرُ هذا التستُّرَ إلا مِن عيبٍ بجِلْدِه؛ إمَّا بَرَصٍ، وإما أُدْرَةٍ، وأمَّا آفةٍ، فأرادَ اللهُ أن يبرِّئَه، ولا يبدِّلَ فطرتَه، فلما أراد أن يغتسِلَ، وضَعَ ثيابَهُ على حَجَرٍ، فلَمَّا قضَى غُسْلَه، وأراد أن يأخُذَ


(١) أخرجه البخاري (٧)، ومسلم (١٧٧٣).

<<  <   >  >>