تبرُزُ للناس» (١).
ويزعُمُ بعضُ الكُتَّابِ أنَّ الأئمةَ يقولونَ بجوازِ كشفِ المرأةِ لوجهِها عند الرجالِ، ولا يُوجِبونَهُ، وهذا فَهْمٌ خاطِئٌ لا وجهَ له؛ لأنَّ التعبيرَ عند إرادةِ رفعِ الحرجِ أو الحظرِ يكونُ هكذا في لغةِ القرآنِ ولسانِ العرب؛ كما في قولِه تعالى عنِ السعيِ بين الصَّفَا والمروةِ: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]؛ لأنَّ الناسَ كانت تَجِدُ حرجاً مِن السعيِ بينَ الصفا والمروةِ؛ لأنَّهم كانُوا يَضَعُونَ أصناماً على الجَبَلَيْنِ فيسعَوْنَ بينهما، فأصبحت عالقةً في أذهانِهم فيتحَرَّجُون مِن السعيِ؛ فقال اللهُ: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]، والطوافُ بهما واجبٌ أو ركنٌ في الحجِّ والعمرةِ، والآيةُ وكذا كلامُ الفقهاءِ لرفعِ الحرَجِ المتوهَّمِ؛ لا لإثباتِ أصلِ الحكمِ.
وأخذُ الأحكامِ مِن غيرِ فهمِ سياقاتِها خطأٌ كبيرٌ، وكثيراً ما يأخُذُ بعضُ الكُتَّابِ أحكامَ غطاءِ المرأةِ لوجهِها مِن المناسكِ أو مِن حجابِ الصلاةِ، فينشَأُ الخطأُ،
(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٤/ ١٥٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute