للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يخطئُ الفقيهُ، ويُصِيبُ فقيةٌ آخَرُ؛ فمَن ظهَرَ له دليلٌ، وجبَ عليه أنْ يأخُذَ به؛ لأنَّ اللهَ يسأَلُ الناسَ يومَ القيامةِ عن اتِّباع المرسَلِين؛ لا تقليدِ الفقهاءِ: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: ٦٥]، واللهُ أنزَلَ الكتابَ؛ لِينزعَ به الخلافَ: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: ٢١٣].

والعقلُ يدلُّ على أنَّ تتبُّعَ الرُّخَصِ يُمْرِضُ الأبدانَ والأديانَ؛ فتتبُّعُ رُخَصِ العلماءِ يُفْسِدُ الدِّينَ، وتتبُّعُ رخصِ الأطباءِ يُفْسِدُ البدَنَ.

ومَن يجعَلُ الشهوةَ والرغبةَ مُرَجِّحاً للاختيار، كمَن يجعَلُ حلاوةَ طعمِ دواءِ الطبيبِ مرجِّحاً لصلاحِ علاجِه، وكثيراً ما يحتاطُ الناسُ لأبدانِهم وليسوا أطبَّاءَ، ويتساهَلُون في احتياطِهم لأديانِهم؛ بحُجَّةِ أنَّهم مقلِّدُون وليسوا فقهاءَ!

ويظهَرُ الهَوَى في تقليدِ الفقهاءِ عندَ كثيرٍ مِن الناسِ، مع أنَّهم يزعُمُون التحرِّيَ وتتبُّعَ الأرجَحِ؛ بينما لا يقَعُون إلا على الرخَصِ والتساهُلِ مِن أقوالِ الفقهاءِ؛ وهنا يظهَرُ الفرقُ بين الباحثِ عن الحقِّ، وبين الباحثِ عمَّا يوافِقُ هَوَاه.

<<  <   >  >>