مِن المُهِمَّاتِ المسلَّماتِ: أنَّ القرآنَ يصدِّقُ بعضُه بعضاً، ويؤكِّدُ بعضُه بعضاً، ويفسِّرُ بعضُه بعضاً، لا يتعارَضُ إلا بنسخٍ مِن الوَحْيِ، وقد أنزلَ اللهُ آياتٍ في الحجابِ والسَّتْرِ كُلُّهُنَّ مُحْكَماتٌ بلا خلافٍ، ومَن أراد فَهْمَ معنىً مِن معانِيه، فيجِبُ عليه أنْ يجمَعَ آياتِ البابِ الواحدِ للموضوعِ الواحد، وينظُرَ فيها؛ فإنَّها تُزِيلُ ما يلتبِسُ عليه منها؛ قال تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}[الزُّمَر: ٢٣]؛ صحَّ عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قولُه:«يُشبِهُ بعضُه بعضاً، ويصدِّقُ بعضُه بعضاً، ويَدُلُّ بعضُه على بعضٍ»(١).
وكثيرٌ ممن ينظُرُ في أحكامِ حجابِ المرأةِ وسترِها في القرآنِ والحديثِ، ينظُرُ إلى موضِعٍ مشتَبِهٍ، ويَحمِلُه على ما يفهَمُه، ولو قرَنَ به الموضِعَ الآخَرَ مِن الوحيِ، لفَهِمَ كلامَ اللهِ وكلامَ نَبِيِّه وحُكْمَهما، وتَصوَّرَ لهما معنىً سويّاً لا لَبْسَ فيه ولا قصورَ، خاصةً مع انتشارِ عُجْمةِ اللِّسان، وبُعْدِها عن لغةِ القرآن، حتى عندَ العربِ فضلاً عن العجَمِ المتعَرِّبِين، ومع بُعدِ العهدِ عن مُصطَلَحاتِ الصدرِ الأوَّلِ، وحدوثِ