بالزنى، ويقعُ فيه ويعتادُه، تظهَرُ عليه علاماتُ الاستهانةِ بالوسائلِ الموصلةِ إليه، وعدمِ المبالاةِ بها، والاستهزاءِ بمَن يُشدِّدُ فيها، ولو لم يتجرَّا على التصريحِ بأنَّه مِن أهلِ الزنى، وقد جعَلَ اللهُ سُنَّةً عقليةً ونقليةً: أنه لا يَهْدِمُ الوسائلَ إلا مَن لم يؤمِنْ بالغاياتِ.
وقد عظَّمَ اللهُ الزنى، وشدَّد في تحريمِ وسائِلِه في الجنسَيْنِ؛ رجالاً ونساءً، فيشرِّعُ للجنسَيْنِ جميعاً حكماً، ويشرعُ للذَّكَرِ حكماً، وللأُنثى حكماً -كلٌّ بما يصلُحُ لفطرتِه- شرائِعَ وتكاليفَ متقابلةً لحفظِ الوسائلِ، لو أُحكمتْ، ما وقَعَ الناسُ في الغاياتِ المحرَّمةِ.
ولما كان افتتانُ الرجلِ بالمرأةِ أقوى، ولأنه أجسرُ في الإقدامِ على الزنى، شُدِّدَ عليه في تحريمِ وسيلةِ النظرِ أكثَرَ مِن المرأةِ، وإنِ اشترَكَا في أصلِ النهيِ؛ ولكنَّ الرجلَ أكثرُ جرأةً لِمَا بعدَ النظرِ، فيأتي بالخطوةِ التي تليها، والمرأةُ غالباً لو نظرَتْ لا تَجسُرُ على ما بعدَ النظرِ كالرجلِ؛ لذا قال اللهُ تعالى:{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب: ٣٢]؛ فجعَلَ الطَّمَعَ في الرجُلِ، مع احتمالِ ورودِه مِن المرأةِ؛ وذلك تعظيماً للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتطهيراً لنسائِه، ولبيانِ خَصُوصيَّةِ الرجالِ