للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهِها» (١)؛ يعني: أنَّها تكشِفُ له لأنَّه زوجُها ولو ظاهَرَ منها، والوجهُ يراه غيرُه ممن هو أبعَدُ منه، فلا يَخْتَصُّ الزوجُ بالوجهِ، وليس عورةَ سترٍ؛ وإنما عورةُ نظَرٍ، فقد يراها غيرُه؛ كعَبْدِها ومحارِمِها، وهم كثيرٌ، بلْ مِن السلَفِ مَن يرخِّصُ للعبدِ المملوكِ أن يرى شَعْرَ سَيِّدَتِه؛ روى ابنُ أبي شيبةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: «لا بأسَ أن ينظُرَ المملوكُ إلى شَعْرِ مولاتِه» (٢).

والزوجُ أَوْلَى مِن أولئكَ لزوجَتِه ولو ظاهَرَ منها، وهذا مرادُ مالكٍ، والإمامُ مالكٌ يشدِّدُ في الرؤيةِ للمخطوبةِ ألَّا تتجاوَزَ الوجهَ والكفَّيْنِ، ويُسْأَلُ عنِ الأمَةِ المشتراةِ: أَتَرَى ينظُرُ إلى كَفَّيْها؟ قال مالكٌ: «أرجو ألَّا يكونَ به بأسٌ» (٣).

ومَن عرَفَ مذهبَ مالكٍ في العَوْراتِ والنظرِ، في الحُرَّةِ والأَمَةِ، والحاجاتِ والضروراتِ، عرَفَ أنَّه لا يقصِدُ ما يَنْسُبُه إليه بعضُ الجَهَلَةِ مِن سفورِ المرأةِ أمامَ الرجالِ بكلِّ حالٍ.


(١) انظر: «المدونة» (٢/ ٣٣٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٧٥٥٧).
(٣) انظر: «البيان والتحصيل» (٧/ ٢٩٦).

<<  <   >  >>