ووُضِعَت في غيرِ موضعِها، وجُعِلت أقوالُ الفقهاءِ في غيرِ سياقِها، فلم يُفَرَّقْ بين حُرَّةٍ وأَمَةٍ، ولا بين شابَّةٍ وعجوزٍ، ولا بين ما قبلَ فرضِ الحجابِ وبعدَه، ولا بين محكَمٍ ومتشابِه!
حتى ظَهَر الترويجُ لأقوالٍ لا تعرِفُها مذاهبُ الفقهاء، ونُسِب إلى مالكٍ وأبي حنيفةَ والشافعيِّ القولُ بـ (أن تغطيةَ المرأةِ لوجهِها ليس بشريعةٍ)، أو بـ (أنَّ المرأةَ لا يجبُ عليها تغطيةُ وجهِها ولو فَتَنَت، ولا تَأثَمُ حينَها ولو كَشَفَتْ)! ويؤخَذُ كلامُهم في عورةِ السترِ والصلاةِ فيُجْعَلُ في عورةِ النظرِ، حتى يَظُنَّ القارئُ -مِن كثرةِ تعارُضِ النقولِ وتضادِّها- اضطرابَ المذاهبِ وتناقُضَها!
ومسألةُ الحجابِ ولباسِ المرأة لا تحتاجُ إلى توسُّعٍ في التأليف، ولا إلى جمعِ كلامِ الفقهاءِ وحَشْدِه، وإنما تحتاجُ إلى إعادةِ نصوصِ الوحيَيْن إلى مواضعِها، وإرجاعِ أقوال الفقهاءِ إلى سياقاتِها التي قِيلَت فيها، وإلحاقِ متشابِهِ النصوصِ بمُحْكَمِها، مع بيان التبديلِ الذي طَرَأ عليها، ورَدْمِ عقودِ التبديلِ؛ ليتّصلَ الفقهُ الصحيحُ بأهلِه، ولا يُقوَّلَ أئمةُ المذاهب ما لم يقولُوه؛ فإنَّ المتشابِهَ والعامَّ إذا كانا في كلام الله فإنَّهما في كلام الفقهاءِ أظهَرُ وأكثَرُ.