للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما كان عليه إبراهيمُ، ومَن بعدَه مِن الأنبياءِ عليهم السلام، وقد كانُوا في الجاهليةِ تَكْشِفُ النساءُ وجوهَهُنَّ في الحجِّ؛ ظَنّاً منهم أنَّ الحكمَ عامٌّ للنقابِ وغيرِه، عند الرجالِ الأجانبِ وغيرِهم؛ قال خُفَافُ بنُ نُدْبةَ السُّلَمِيُّ، وهو شاعرٌ جاهليٌّ يَصِفُ حالَ امرأةٍ مُحْرِمةٍ:

وأبْدَى شُهُورُ الحَجِّ مِنْهَا مَحَاسِناً ... ووَجْهاً مَتَى يَحْلِلْ لهُ الطِّيبُ يُشْرِقِ (١)

وبَقِيَ الظنُّ عند بعضِ نساءِ العربِ كذلك بعدَ الإسلام، حتى إنَّ منهنَّ مَن كانت تجدُ حَرَجاً على نُسُكِها مِن تغطيةِ وجهِها في حَجِّها خوفاً على أجرِها؛ وذلك مِن بقايا فهمِ الجاهليةِ، وكانت عائشةُ رضي الله عنها تُسأَلُ عن ذلك وتُبَيِّنُ الأَمرَ؛ فقد روى إسماعيلُ بنُ أبي خالِدٍ، عن أُمِّهِ وأُخْتِه أنَّهما دخلَتَا على عائشةَ يومَ التَّرْوِيَةِ، فسألَتْها امرأةٌ: أَيَحِلُّ لي أنْ أغطِّيَ وجهِي وأنا مُحْرِمةٌ؟ فرفعَتْ خمارَها عن صدرِها، حتى جعلَتْه فوقَ رأسِها؛ أخرَجَه ابنُ سعدٍ في «الطبقات» (٢).


(١) سبق تخريجه (ص ٥٨).
(٢) أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبير» (١٠/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>