القُرْعَةَ لا مدْخَلَ لها في إلْحاقِ الطَّلاقِ لأجْلِ الأعْيانِ المُشْتَبِهَةِ، فمَن قال بالقُرْعَةِ هنا، جعَل التَّعْيِينَ إحْدَى الصِّفَتَين، وجعَل وُقوعَ الطَّلاقِ لازِمًا لذلك، ومَن منَعَها نظَرَ إلى أنَّ القَصْدَ بها هنا هو اللَّازِمُ، وهو الوُقوعُ، ولا مدْخَلَ للقُرْعَةِ فيه، وهو الأَظْهَرُ. انتهى.
فائدتان؛ إحْداهما، إذا قال: إنْ وَلَدْتِ فأنتِ طالِقٌ. فأَلْقَتْ ما تصِيرُ به الأمَةُ أمَّ وَلَدٍ، طَلُقَتْ، وإلَّا فلا. فإنْ قالتْ: قد وَلَدْتُ. فأنْكَرَ، كان القوْلُ قوْلَه. قال القاضي، وأصحابُه: هذا إنْ لم يُقِرَّ بالحَمْلِ. وإنْ شَهِدَ النِّساءُ بما قالتْ، طَلُقَتْ. ذَكَرَه القاضي، وأصحابُه، وقالوا: هذا ظاهِرُ كلامِه. قال في «القَواعِدِ»: المَشْهورُ الوُقوعُ. وجزَم به القاضي في «خِلافِه»، وتَبِعَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو المَواهِبِ العُكْبَرِيُّ (١)، وأبو الخَطَّابِ، والأكْثرونَ. وقيلِ: تَطْلُقُ إذا كان مِثْلُها يلِدُ. ذكَره في «الرِّعايةِ». وقال في «المُحَرَّرِ»: ويتَخرَّجُ أنْ لا تَطْلُقَ حتى يشْهَدَ مَن يثْبُتُ ابْتِداءُ الطَّلاقِ بشَهادَتِه، كمَن حلَف بالطَّلاقِ ما غصَب، أو لا غصَب كذا، ثم ثبَت عليه الغَصْبُ برَجُلٍ وامْرأَتين، أو شاهِدٍ ويَمِينٍ، لم تَطْلُقْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَه في «الفُصولِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. وقيل: تَطْلُقُ. واخْتارَه ابنُ
(١) هو الحسن بن محمد العكبري، أبو المواهب، أحد الفقهاء الأكابر، وله تصانيف في المذهب، وهو من أصحاب القاضي أبي يعلى القدماء، له «رءوس المسائل». انتخبه من كتاب «الخلاف الكبير». توفي سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١٧١، ١٧٢.