للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَقْفٍ وغيرِه بالثَّباتِ عن خَصْمٍ مُقَدَّرٍ: تُسْمَعُ الدَّعْوى والشَّهادَةُ فيه بلا خَصْمٍ. وهذا قد يدْخُلُ في كتابِ القاضي، وفائِدَتُه كفائِدَةِ الشَّهادَةِ، وهو مثْلُ كتابِ القاضي إذا كان فيه ثُبوتٌ مَحْضٌ، فإنَّه هناك يكونُ مُدَّعٍ فقط بلا مُدَّعىً عليه حاضِرٍ. لكِنْ هنا المُدَّعَى عليه مُتَخَوِّفٌ، وإنَّما المُدَّعِي يَطْلُبُ مِن القاضي سَماعَ البَيِّنَةِ أو الإِقْرارِ، كما يسْمَعُ ذلك شُهودُ الفَرْعِ، فيقولُ القاضِي: ثَبَتَ ذلك عندِي، بلا مُدَّعىً عليه. قال: وقد ذكَره قومٌ مِن الفُقَهاءِ، وفَعَله طائفَةٌ مِن القُضاةِ (١)، ولم يَسْمَعْها طَوائِفُ (٢) مِن الحَنَفِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ؛ لأنَّ القَصْدَ بالحُكْمِ فَصْلُ الخُصُومَةِ. ومَنْ قال بالخَصْمِ المُسَخَّرِ، نصَبَ الشَّرَّ، ثم قطَعَه. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، ما ذكَره القاضي، مِن احْتِيالِ (٣) الحَنَفِيَّةِ على سَماعِ البَيِّنَةِ مِن غيرِ وُجودِ مُدَّعىً عليه؛ فإنَّ المُشْتَرِيَ المُقَرَّ له بالبَيعِ قد قَبَضَ المَبِيعَ وسلَّم الثَّمَنَ، فهو لا يدَّعِي شيئًا، ولا يُدَّعَى عليه شيءٌ، وإنَّما غرَضُه تَثْبِيتُ الإِقْرارِ والعَقْدِ، والمَقْصودُ سَماعُ القاضي البَيِّنَةَ، وحُكْمُه بمُوجَبِها مِن غيرِ وُجودِ مُدَّعىً عليه، ومِن غيرِ مُدَّعٍ على أحَدٍ، لكِنْ خَوْفًا مِن حُدوثِ خَصْمٍ مُسْتَقْبَلٍ، فيكونُ هذا الثُّبوتُ حُجَّةً بمَنْزِلَةِ الشَّهادَةِ، فإنْ لم يكُنِ القاضي يسْمَعُ البَيِّنَةَ بلا هذه الدَّعْوَى، وإلَّا امْتَنَعَ مِن سَماعِها مُطْلَقًا، وعطَّل هذا (٤) المَقْصودَ الذي احْتَالُوا له. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكلامُه يقْتَضِي أنَّه هو لا يحْتاجُ إلى هذا الاحْتِيالِ، مع أنَّ جَماعَاتٍ مِن القُضَاةِ [المُتأَخِّرين مِن] (٥) الشَّافِعِيَّةِ


(١) في ط: «الفقهاء».
(٢) في الأصل: «طائفة».
(٣) في الأصل: «اختيار».
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) سقط من: ط.