للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ أَجَّجَ نَارًا فِي مِلْكِهِ، أَوْ سَقَى أَرْضَهُ، فَتَعَدَّى إلَى مِلْكِ

ــ

لا يَضْمَنُ ما أتْلَفَه غيرُ العَقُورِ ليلًا ونَهارًا. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ؛ لتَقْيِيدِهم الكَلْبَ بالعَقُورِ. قال الحارِثِيُّ: وكلامُ المُصَنِّفِ مَحْمولٌ على ما يُباحُ اقْتِناؤُه، وأمَّا ما يَحْرُمُ، كالكَلْبِ الأسْوَدِ، فيَجِبُ الضَّمانُ؛ لأنَّه في مَعْنَى العَقُورِ في مَنْعِ الاقْتِناءِ، واسْتِحْقاقِ القَتْلِ. وكذلك ما عَدا كَلْبَ الصَّيدِ والحَرْثِ والماشِيَةِ؛ لأنَّه في مَعْنَى ما تقدَّم، فيَحْصُلُ العُدْوانُ بإمْساكِه. انتهى. الثَّانيةُ، لو اقْتَنَى أسَدًا أو نَمِرًا أو ذِئْبًا، ونحوَ ذلك مِنَ السِّباعِ المُتَوَحِّشَةِ، فكالكَلْبِ العَقُورِ فيما تقدَّم؛ لأنَّه في مَعْناه وأوْلَى؛ لعدَمِ المَنْفَعَةِ. الثَّالثةُ، لو اقْتَنَى هِرَّةً تأْكُلُ الطُّيورَ، وتَقْلِبُ القُدورَ في العادَةِ، فعليه ضَمانُ ما تُتْلِفُه ليلًا ونَهارًا، كالكَلْبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وقالُوا، إلَّا صاحِبَ «الفُروعِ»: قاله القاضي. قال الحارِثِيُّ: ذكَرَه أصحابُنا. فإنْ لم يكُنْ مِن عادَتِها ذلك، فلا ضَمانَ. قاله الأصحابُ. ولو حصَلَ عندَه كَلْبٌ عَقُورٌ، أو سِنَّوْرٌ ضارٌّ مِن غيرِ اقْتِناءٍ واخْتِيارٍ، وأفْسَدَ، لم يَضمَنْ. الرَّابعةُ، يجوزُ قَتْلُ الهِرِّ بأَكْلِ لَحْمٍ، ونحوه. على الصَّحيحِ بِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الفُصولِ»: له قَتْلُها حينَ أَكْلِها فقط. واقْتصَرَ عليه الحارِثِيُّ، ونصَرَه. وقال في «التَّرْغِيبِ»: له قَتْلُها إذا لم تَنْدَمعْ إلَّا به، كالصَّائلِ.

قوله: وإِنْ أجَّجَ نارًا في مِلْكِه، أو سَقَى أَرْضَه فتَعَدَّى إلى مِلْكِ غيرِه فأَتْلَفَه، ضَمِنَه، إذا كانَ قد أَسْرَفَ فيه، أو فرَّطَ، وإلَّا فلا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ، لا بطَرَيانِ رِيحٍ. ولهذا قال في