للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيهان؛ أحدُهما، قال الحارِثِيُّ: وفي جَعْلِ هذا شَرْطًا إشْكالٌ؛ وهو أنَّ المُطالبَةَ بالحقِّ فرْعُ ثُبوتِ ذلك الحقِّ، ورُتبةُ ذلك الشَّرْطِ تَقدُّمُه على المَشْرُوطِ، فكيفَ يقالُ بتَقَدُّمِ المُطالبَةِ على ما هو أصْلٌ له؟ هذا خِلْفٌ. أو نقولُ: اشْتِراطُ المُطالبَةِ يُوجِبُ تَوقُّفَ الثُّبوتِ عليها، ولا شَكَّ في توَقُّفِ المُطالبَةِ على الثُّبوتِ، فيكونُ دَوْرًا. والصَّحيحُ، أنَّه شَرْطٌ لاسْتِدامَةِ الشُّفْعَةِ، لا لأَصْلِ ثُبوتِ الشُّفْعَةِ؛ ولهذا قال: فإنْ أخَّرَه، سقَطَتْ شُفْعَتُه. انتهى. الثَّاني، كلامُ المُصَنِّفِ وغيره، مُقَيَّدٌ بما إذا لم يكُنْ عُذْرٌ، فإنْ كان عُذْرٌ؛ مثْلَ أنْ لا يعْلَمَ، أو عَلِمَ ليلًا فأخَّرَه إلى الصُّبْحِ، أو أخَّرَه لشِدَّةِ جُوعٍ، أو عَطَشٍ حتى أكلَ أو شَرِبَ، أو أخَّرَه لطَهارَةٍ، أو إغْلاقِ بابٍ، أو ليَخْرُجَ مِنَ الحمَّامِ، أو ليَقْضِيَ حاجَتَه، أو ليُؤَذِّنَ ويُقِيمَ ويأْتِيَ بالصَّلاةِ وسُنَّتِها، أو ليَشْهَدَها في جماعَةٍ يخَافُ فوْتَها، ونحو ذلك. وفي «التَّلْخيصِ» احْتِمالٌ بأنَّه يقْطَعُ الصَّلاةَ، إلَّا أنْ تكونَ فَرْضًا. قال الحارِثِيُّ: وليس بشيءٍ. وهو كما قال، فلا تسْقُطُ إلَّا أنْ يكونَ المُشْتَرِي حاضِرًا عندَه في هذه الأحْوالِ، فمُطالبَتُه مُمْكِنَةٌ، ما عدَا الصَّلاةَ، وليس عليه تَخْفِيفُها، ولا الاقْتَصارُ على أقَلِّ ما يُجْزِئُ. ثم إنْ كان غائبًا عنِ المَجْلِسِ، حاضِرًا في البَلَدِ، فالأَوْلَى أن يُشْهِدَ على الطَّلَبِ، ويُبادِرَ إلى المُشْتَرِي بنَفْسِه، أو بوَكِيلِه، فإنْ بادَر هو أو وَكِيلُه مِن غيرِ إشْهادٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه على شُفْعَتِه. صحَّحه في «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهما. قال الحارِثِيُّ: وهو ظاهِرُ إيرادِ المُصَنِّفِ في آخَرَين. وقيل: يُشترَطُ الإِشْهادُ. اخْتارَه القاضي في «الجامِع الصَّغِيرِ». ويأْتِي، هل يمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بمُجَرَّدِ المُطالبَةِ، أمْ لا؟ عندَ قوْلِه: وإنْ ماتَ الشَّفيعُ، بطَلَتِ الشُّفْعَةُ. أمَّا إنْ تعَذَّر الإِشْهادُ، سقَطَ، بلا نِزاعٍ، والحالةُ هذه؛ لانْتِفاءِ التَّقْصيرِ. وإنِ اقْتْصرَ على الطَّلَبِ مُجَرَّدًا عن مُواجَهَةِ