التوليد؛ والغريب أن الكاتب الذي صاغها- وربما كان ذلك في مستهل هذا القرن (١) - قد اختارها من بين عدد من الأصول اللغوية من مثل:(علم- أدب- فهم- أدرك- ثقف)، تلك الكلمات التي تدل على العمل أو العلاقة المعرفية. ومعنى هذا أنه اختار الكلمة التي تدل صورتها على طابع الروح الجاهلية.
وبوسعنا أن نقول: إن الفعل (ثقف) أصل لغوي يتصل تاريخه بلغة ما قبل الإسلام، حتى لنراه قد ورد في بعض آيات من القرآن الكريم من مثل قوله تعالى:
ولا شك أن الذي اشتق كلمة (ثقافة) كان صنّاعاً ماهراً في علم العربية، حريصاً على تجويد اللفظ وصفائه، على ما عليه عدد من كتاب الأدب في هذه الأيام.
ولكن يبدو لنا أن كلمة (ثقافة) التي كان من حظها أن تختار لهذا المعنى، لم تكتسب بعد قوة التحديد الضرورية لتصبح علماً على مفهوم معين. وهذا هو ما يفسر لنا أنها بحاجة دائماً إلى كلمة أجنبية، تقرن بها لتحديد ما يراد منها في الكتب التي تتصدى لهذا الموضوع، أو بعبارة أخرى إنها كلمة لا تزال في اللغة العربية تحتاج إلى عكاز أجنبي مثل كلمة Culture كي تنتشر.
والواقع أن فكرة (ثقافة) كما سبق أن قلنا فكرة حديثة جاءتنا من أوربا، والكلمة التي أطلقت عليها هي نفسها صورة حقيقية للعبقرية الأوروبية.
فمفهوم (ثقافة) ثمرة من ثمار عصر النهضة، عندما شهدت أوروبا في القرن السادس عشر انبثاق مجموعة من الأعمال الأدبية الجليلة في الفن وفي الأدب وفي الفكر.
(١) لعل من المفيد أن يهتم باحث بالكشف عن اسم واضع هذا التوليد، منذ تاريخ إضافته إلى ثروة الكتابة العربية.