أن تكون الخطوة الجديدة (تركيباً) لعناصر الثقافة، ولكي نظل في نطاق مصطلحات علماء النفس نقول ينبغي أن تكون (تركيباً نفسياً).
ومن زيادة القول أن نقرر أن هذه العملية تتم تلقائياً وبصورة عادية؛ فإذا ما واصل مجتمع معين تطوره الطبيعي، فإنه يؤدي عملية تركيب ثقافته بصورة تلقائية، تنحصر في تنظيم المقومات الثقافية في وحدة متجانسة تمثل ثقافته. وليس هذا منهجاً يقوم على أساسه تنظيم الثقافة وإنما هي ظاهرة.
فإذا أمكننا أن ندرك ميكانيكية الظاهرة أمكننا أن نتصور المنهج. فينبغي لكي ننظم العناصر الثقافية في وحدة عضوية، أن نضع خطة تربوية صالحة لتحقيق هذه الوحدة، وبذلك نكون قد تصورنا منهج تحقيق مشروعنا بصورة فنية.
لقد بيّنا في ثنايا تحليلنا السابق عدداً من العوامل الثقافية، فتحدثنا عن عالم الأشخاص وعن عالم الأفكار وعن عالم الأشياء وعن عالم العناصر والظواهر الطبيعية؛ بيد أننا قد بينا أن القيمة الثقافية لهذه العوامل المختلفة تخضع دائماً لصلتنا الشخصية بها، فتفاحة (نيوتن) لم تتحول اعتباطاً إلى نظرية في الجاذبية الأرضية، ونافورات الماء في قصر الإست لم تكن لتلهم (ليتز) أروع وأجمل مقطوعاته الموسيقية، لو لم تكن له بهذه العناصر صلة شخصية استثنائية.
وإذن فلكي نستحدث تركيب العناصر الثقافية ينبغي أولاً أن يتحقق شرط جوهري، هو أن نخلق وأن نوثق الصلة الضرورية بين الفرد وبين العوالم الأربعة التي أحصيناها. ولعالم الأشخاص في هذا الميدان حق التقدم والسبق، لا من أجل امتياز شخص الإنسان فحسب، بل لأنه يمثل الرصيد الثقافي الذي يزود الفرد منذ ولادته، بالمقاييس الذاتية التي تحدد سلوكه، وتؤكد انتسابه إلى ثقافة معينة.