للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالشرط الأول العام لتحقيق مشروع ثقافة هو إذن الصلة بين الأشخاص أولاً.

وها هو ذا القرآن يعطينا فكرة عن قيمة هذه الصلة حين وجه خطابه إلى النبي قائلاً:

{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}، [الأنفال ٨/ ٦٣].

فأساس كل ثقافة هو بالضرورة (تركيب) و (تآليف) لعالم الأشخاص، وهو تأليف يحدث طبقاً لمنهج تربوي يأخذ صورة فلسفية أخلاقية.

وإذن فالأخلاق أو الفلسفة الأخلاقية هي أولى المقومات في الخطة التربوية لأية ثقافة.

ولا ريب في أن هذه الفكرة كانت من بين نواحي الاهتمام الموضوعية لرجل دولة كـ (خروشوف)، حين تحدث في المؤتمر الحادي والعشرين عن (مشكلة الإنتاج في جانبها الإنساني)، فلاحظ أنه: ((قبل أن تتكون لدى الأفراد حاجة داخلية إلى أن يعملوا ما وسعهم الجهد، فإن المجتمع لا يمكن أن يعفي نفسه من مهمة تحديد أصول هذا العمل ... )).

تلك إذن هي مشكلة الأخلاق تُواجه منذ الآن في المجتمع الماركسي، دون أن يقصدوا إلى التعبير عنها بهذه الصورة، بل دون أن يرمزوا إلى العنصر الديني الذي يعد من مكوناتها.

وبحسبنا أن نلاحظ أنهم يواجهوننا على أنها ضرورة ملحة لكل مجتمع يريد أن ينظم نفسه، مهما تحاشوا بسبب مذهبهم أن يدلوا عليها بألفاظها المستقاة في نظرهم من (فلسفة مثالية).

<<  <   >  >>