الاجتماعي، انطلقت الطاقة الحيوية من قيودها، سواء أكانت هذه القيود مفروضة على أساس ديني أو أساس دستوري، فدمرت كل ما يقوم على تلك الأسس سواء كانت دينية أو علمانية، أي أنها تدمر كل البناء الاجتماعي.
وهذا ما يحدث أيضاً عندما يفقد الفرد، مثلاً لأسباب سياسية، حقه في النقد أو فيما يشير إليه الحديث السابق كواجب تغيير المنكر.
ففي كلتا الحالتين تنشأ أزمة ثقافية مآلها البعيد أفول حضارة، وفي القريب زوال الالتزام بين المجتمع والفرد زوالاً، يعبر عنه في صورته الفلسفية كتاب مثل (اللامنتمي) للإنجليزي (كولين ولسون)، أو في صورته السلوكية عصابات (الهيبيز).
يجب أن نلاحظ هنا أن كل ظاهرة اجتماعية لا تستقر في صورة منشئها، فهي كائن مرتبط بحياة المجتمع، بينها وبين هذه الحياة تفاعل جدلي ينمي نتائجها في المجتمع من حد الصفر إلى نقطة (اللارجوع).
فالأزمة الثقافية تنمو وتنمو معها أيضاً نتائجها، من الحد الذي يمكن تداركه بالتعديل البسيط إلى الحد الذي يصبح فيه التعديل مستحيلاً، أو لا يمكن إلا بثورة ثقافية عارمة تكون في الحقيقة بمثابة انطلاقة جديدة للحياة الاجتماعية من نقطة الصفر.
وبين هذين الطرفين تبرز حقيقة ألا وهي أن ظرفاً واحداً أعني أزمة ثقافية، يخلق أمام مجتمع متقهقر أو جامد استحالة لا يستطيع التغلب عليها فيستسلم- كما يقولون- للواقع، بينما يخلق هذا الظرف نفسه بالنسبة لمجتمع آخر فرصة لدفعة جديدة لحركيته، مثل الدفعة التي أعطاها (ماوتسي تونج) للحياة الصينية تحت اسم (الثورة الثقافية)، لم يكن للشعب الصيني غنى عنها لمواجهة أي واقع يواجهه من أجل تعديله في الاتجاه الذي يراه.