على الرغم من أن المناخ في أغلب أقاليم البحر المتوسط يتميز بوجود فصل جاف يتفق مع فصل الحرارة الشديد، فإن أثر الجفاف في تشكيل المظهر العام للحياة النباتية سواء في ذلك النباتات الطبيعية أو المحاصيل الزراعية ليس واضحًا في هذه الأقاليم بدرجة وضوحه في بعض الأقاليم المناخية الأخرى التي تتميز كذلك بوجود فصل شديد الجفاف، كما هي الحال مثلًا في أقاليم السفانا والأقاليم الموسمية، ففي المناطق التي تكفي أمطارها لنمو الغابات في حوض البحر المتوسط نجد أن معظم الأشجار من الأنواع دائمة الخضرة التي تتحايل على تحمل الجفاف بوسائل مختلفة، فمنها ما تتغطى جذوعه بقشور سميكة تحول دون ضياع المياه منها بالتبخر مثل الفلين، ومنها ما له أوراق إبرية مثل الصنوبر والأرز، كما ينمو في هذا المناخ كذلك نوع دائم الخضرة من أشجار البلوط، أما النوع النفضي من هذه الأشجار فلا يظهر إلا في مناطق محدودة جدًّا، وإلى جانب هذه الغابات تنمو في مناخ البحر المتوسط كذلك أحراج كثيفة تتغطى بها الأرض في بعض المناطق وتتخللها أحيانًا شجيرات أو أشجار قصيرة وتشتهر هذه الأحراج في كاليفورنيا باسم "شابارول Chaparral" أما في البلاد المحيطة بالبحر المتوسط فيطلق عليها اسم ماكي١ Maqui. وإلى جانب المناطق التي تصلح بطبيعتها لنمو هذه الأحراج، وهي غالبًا مناطق رديئة التربة نجد أنها تظهر كذلك في بعض المناطق الأخرى التي أزال الإنسان غاباتها لاستغلال أخشابها.
وليس هناك فصل واحد للنمو في مناخ البحر المتوسط، فعلى الرغم من أن برودة فصل الشتاء تؤدي إلى توقف نمو بعض النباتات، فإن كثيرًا من النباتات الأخرى تواصل نموها في هذا الفصل؛ إذ إن معدل درجة الحرارة لا يهبط غالبًا في أي شهر من الشهور إلى صفر النمو، وكذلك في فصل الصيف قد تؤدي قلة الأمطار أو انعدامها تمامًا في بعض المناطق إلى توقف نمو النباتات، ومع
١ Finch. V.C. and Trewartha, G. L. "Phisical Elements of Geography" ١٩٤٩, p. ٤٢٦