إذا توغلنا في اليابس بعيدا عن السواحل الغربية أو عبرنا الحواجز الجبلية التي تمتد بحذاء هذه السواحل، فإننا نصل تدريجيا إلى نوع قاري من المناخ لا تكاد المؤثرات البحرية تصل إليه سواء من الشرق أو من الغرب، وهو يتمثل في مساحات واسعة من أواسط أوراسيا وأمريكا الشمالية، أما في نصف الكرة الجنوبي فإنه لا يتمثل إلا في المناطق محدودة جدًّا من جنوب أمريكا الجنوبية، أهمها إقليم هضبة بتاجونيا ويختلف هذا النوع من المناخ عن النوع البحري الذي سبق وصفه من عدة وجوه أهمها:
١- انخفاض كمية الرطوبة في هوائه.
٢- قلة الأمطار نسبيًّا وسقوط أغلبها في نصف السنة الصيفي.
٣- ارتفاع المدى الفصلي لدرجة الحرارة.
٤- قصر الفصلين الانتقاليين أي الربيع والخريف بشكل يجعل من الممكن تقسيم السنة إلى فصلين اثنين هما الصيف والشتاء، ففي مدينة وارسو مثلا نجد أن المعدل الحراري لشهر مايو يزيد بنحو ٦ درجات مئوية عن معدل شهر أبريل، وينقص معدل شهر نوفمبر بنحو خمس درجات عن معدل شهر أكتوبر، ومعنى ذلك بعبارة أخرى أن الانتقال يكون فجائيًّا تقريبا بين الظروف المناخية لنصف السنة الصيفي والظروف المناخية لنصفها الشتوي.
وبالنظر إلى المعدلات الحرارية في بعض المحطات التي تمثل النوع القاري من المناخ المعتدل البارد مثل وارسو وفينا وكييف نلاحظ أن هذه المعدلات تنخفض في بعض أشهر الشتاء إلى ما دون درجة التجمد، وأنها ترتفع في بعض أشهر الصيف إلى أكثر من ٢١ ْ مئوية، وهذا التطرف في درجات الحرارة ليس في الواقع من صفات الأقاليم المعتدلة الحقيقية ولذلك فإن تسميتنا لهذا النوع القاري باسم المناخ المعتدل به كثير من التجاوز "راجع الجدول ٢٦".