تعتبر التربة من غير شك ثروة من أعظم الثروات الطبيعية التي ترتبط بها حياة الإنسان ارتباطًا مباشرًا، فهي الوعاء الذي تجد فيه النباتات الاحتياجات اللازمة لوجودها ونموها وتكاثرها، والذي يحصل منه الإنسان بطريق مباشر أو غير مباشر على كل ما يحتاج إليه من ضروريات غذائه وملبسه ومسكنه.
وليست المصادفة هي التي جعلت سكان العالم يتجمعون منذ بدء انتشارهم على سطح الأرض، وخصوصًا بعد أن بدءوا يعرفون الزراعة، في وديان الأنهار وغيرها من المناطق التي لا تصلح تربتها لإنتاج المحاصيل الغذائية، أو حتى لتقديم ثروة نباتية وحيوانية طبيعية يمكن أن يحصل منها الإنسان على احتياجاته الضرورية باتباع أساليب الجمع والالتقاط والصيد، وترتبط التربة في نشأتها وتركيبها وخصوبتها وغير ذلك من صفاتها العامة بعوامل مختلفة أهمها نوع الصخور التي استمدت منها "Parent Rocks" والعوامل المناخية التي تدخلت في تفتيت هذه الصخور وتحليل موادها ونقلها وتوزيعها على سطح الأرض وعلاقة ذلك بتضاريس هذا السطح وانحدارته وغير ذلك من العوامل التي يترتب عليها خلق أنواع من التربة ذات أشكال وخواص متباينة بحيث أصبح موضوع التربة من الموضوعات العلمية المعقدة التي لا يمكن الإلمام بكل جوانبها في أية دراسة عامة. وسنحاول فيما يلي أن نقدم عرضًا مختصرًا لأهم جوانب الموضوع بالقدر الذي تحتاج إليه دراستنا الجغرافية العامة.
والمقصود بالتربة بمعناها الضيق هو المواد الصخرية المفتتة التي طرأ عليها بعض التغير الكيميائي واختلطت بها نسبة من المواد العضوية والسائلة والغازية فأصبحت ملائمة لنمو نوع أو أكثر من أنواع الحياة النباتية، وعلى هذا الأساس لا يعتبر الصخر المفتت وحده تربة بمعنى الكلمة طالما لم يطرأ عليه تغير كيميائي