في هذه الأقاليم لا تساعد شدة البرودة عمومًا على نشاط عمليات تكوين التربة وتطورها، وخصوصًا في المناطق الجافة الجرداء من الأقاليم القطبية، ففي هذه المناطق لا تساعد الظروف على نمو النباتات أو تحللها، أو على حدوث تجوية كيميائية تستحق الذكر. ومع ذلك فإن التجوية الميكانيكية الناشئة عن فعل الصقيع تكون نشطة جدًّا مما يؤدي إلى سرعة تكسر الصخور وتفتيتها، ومما يساعد على زيادة نشاط هذه التجوية أن سطح التربة لا يكون محميًّا بأي غطاء نباتي، كما أنه لا يكون كذلك مغطى بأي غطاء جليدي؛ لأن قلة رطوبة الهواء لا تساعد على حدوث التكثف اللازم لتكوين هذا الغطاء.
وتتميز التربة في هذه المناطق، بل وفي المناطق القطبية عمومًا، بأن طبقاتها السفلية تكون متجمدة باستمرار حتى عمق قد يصل إلى بضع مئات من الأمتار، وتعرف هذه الظاهرة باسم "بيرمافروست Permafrost" وهي تساعد على تركيز التجوية الميكانيكية الصقيعية في الطبقة السطحية فقط، وقد أدى ذلك بمرور الزمن إلى تكوين طبقة من الصخور المهشمة والحصى والرمال الخشنة فوق السطح، وعلى الرغم من أن تجوية الصخور تؤدي كذلك إلى تكون بعض الرواسب الناعمة مثل الرمال الدقيقة والأتربة، فإن قوة الرياح في هذه المناطق تؤدي إلى إزالتها بمجرد تكونها، وهذا يحول بالطبع دون تكون أية تربة ناعمة، إلا في بعض المواضع القليلة المحمية.
ولكن هذه الحالة تتغير نوعًا ما في مناطق التندرا. ففي هذه المناطق ترتفع درجة الحرارة في فصل الصيف فوق درجة التجمد وتسقط بعض الأمطار، وتنمو نتيجة لذلك حياة نباتية عشبية قد تكون كثيفة نوعًا ما، ولهذه الظروف فإن مناطق التندرا تكون في جملتها أكثر ملاءمة لحدوث عمليات تكون التربة وتطورها من المناطق الجرداء, فوجود النباتات يعمل على حماية التربة في أغلب المناطق، كما أن ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف يساعد على نشاط بعض