وقد ترتب على دفء الجانب الشرقي من المحيط الأطلسي الشمالي عدة نتائج، أهمها أن المياه أمام الساحل الشمالي الغربي لأوروبا لا تتجمد في أي شهر من شهور السنة في أي مكان إلى الجنوب من خط عرض ٧٥ْ، بينما تتجمد مياه الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا في فصل الشتاء حتى خط عرض ٥٠ْ شمالًا، وتتجمد معها مياه نهر سانت لورانس، مما يؤدي إلى توقف الملاحة تمامًا في هذا الفصل، بخلاف الحال أمام الساحل النرويجي الذي يظل مفتوحًا للملاحة طول السنة، وفضلًا عن ذلك فإن جبال الجليد الطافية قد تستمر في تحركها جنوبًا بالقرب من الساحل الشرقي لأمريكا حتى خط عرض ٤٠ْ شمالًا، بينما يندر أن تشاهد بالقرب من السواحل الشمالي الغربي لأوروبا إلى الجنوب من خط عرض ٧٠ْ. وكذلك فيما يختص بخط الثلج الدائم، نلاحظ أنه يقع دائمًا إلى الشمال من خط عرض ٨٠ْ شمالًا أمام الساحل الشمالي الغربي لأوروبا، في حين أنه يصل إلى خط عرض ٦٩ْ أمام الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا الشمالية.
ثالثًا: نظرًا لأن السواحل الشرقية للمحيط الأطلسي "إلى الشمال من خط الاستواء" تتأثر بالتيارات الباردة في المنطقة الحارة، وبالتيارات الدافئة في العروض الباردة، فقد ترتب على ذلك أن أصبح تدرج الحرارة على امتداد هذه السواحل بطيئًا جدًّا، أما السواحل الغربية فيختلف الحال عليها عن ذلك تمامًا؛ لأنها تتأثر بالتيارات الدافئة في المنطقة الحارة وبالتيارات الباردة في العروض الباردة، ولهذا السبب نجد أن مناخها أكثر تطرفًا من مناخ السواحل الشرقية، كما أن التدرج الحراري على امتدادها يكون شديد الانحدار جدًّا بمعنى أن الانتقال من المناخ الحار إلى المناخ البارد يأتي في مسافة قصيرة، وقد كان لذلك نتائج اقتصادية مهمة؛ لأنه أدى إلى تعدد الأنواع المناخية التي تساعد على زراعة غلات متباينة في مسافة قصيرة نسبيًّا، فعلى طول الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية مثلًا، نجد أن الحياة النباتية تتدرج في مسافة لا تزيد على ٤٦٠٠ كيلو متر من غلات الأقاليم الحارة في فلوريدا إلى غلات الأقاليم الباردة