للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ* وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ)].

(إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ) أي: ناصري عليكم الله، (الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ): الذي أوحى إليَّ كتابه، وأعزني برسالته، (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ): ومن عادته أن ينصر الصالحين من عباده وأنبيائه ولا يخذلهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت: يجوز أن يكون الإخبار في قراءة الجماعة بمعنى الإنكار، كما سبق في قوله تعالى حكايةً عن فرعون: (آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) [الأعراف: ١٢٣]، فيحسن حينئذ ترتب قوله: (فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ)، أي: ليسوا أمثالكم، فجربوهم بالدعاء ليستجيبوا لكم إن كانوا أمثالكم. ويكون الاستفهام في قوله تعالى: (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا) للإنكار وتقرير عدم المساواة.

قوله: (وأعزني برسالته) هو عطف تفسيري على قوله: "أوحى إلى كتابه"، يعني قوله تعالى: (نزل الكتاب) وضع موضع: أرسلني رسولاً، لأن النبي: صاحب المعجزة، والرسول: الذي جمع بين المعجزة والكتاب.

وقلت: يمكن أن يكشف عنه بأبسط من هذا، وأن يقال: إنما خص وصف اسم الذات في هذا المقام بإنزال الكتاب، وجعلت الآية تعليلاً لقوله تعالى: (قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ) للدلالة على تفخيم أمر المنزل، وأنه الفارق بين الحق والباطل، وأنه القامع لضلالات الكفر، والمجلي لظلمات الشرك، والمفحم لألسن أرباب البيان، المعجز الباقي في كل أوان، وهو النور المبين، والحبل المتين، وبه أصلح الله شؤون رسوله،

<<  <  ج: ص:  >  >>