للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سأل ربه أن يرزقه ولدا يرثه ولا يدعه وحيدا بلا وارث، ثم ردّ أمره إلى الله مستسلما فقال (وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) أى إن لم ترزقني من يرثني فلا أبالى، فإنك خير وارث. "إصلاح زوجه": أن جعلها صالحة للولادة بعد عقرها. وقيل: تحسين خلقها وكانت سيئة الخلق.

الضمير للمذكورين من الأنبياء عليهم السلام يريد أنهم ما استحقوا الإجابة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (الضميرُ- في (إِنَّهُمْ) - للمذكورين من الأنبياء عليهم السلامُ)، اعلمْ أنهُ تعالى عقب استجابة دعاءِ زكرياَّ بما يشتملُ على تعليل استجابة دعوة الأنبياء السالفة، أما أولاً فقوله تعالى في حق إبراهيم عليه السلام: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ) فإنه مسبوقٌ بالدعاء من أبيه نوح عليه السلامُ لقوله تعالى: (وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ)، وأما ثانياً فقوله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ) إلى قوله: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ)، وأما ثالثاً فقوله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً) إلى قوله: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ)، وشرط في التعليل ثلاث شرائط، أحدها: المسارعة في الخيرات؛ لأن الوسيلة مقدمةٌ على الطلب. وثانيها: أن يكون الداعي بين الخوف والرجاء يخافُ تقصيره، كقوله تعالى: (يَحْذَرُ الآخِرَةَ) [الزمر: ٩] أي: لا يعتمدُ على عمله؛ لأن العمل بالخواتيم، ويرجو مع ذلك رحمةَ ربه الواسعة، وثالثها: أن يكون مخلصاً لا مُرائياً كما قال إبراهيم: أن يرى الله من العبد الإخلاص والخشوع إذا تخلى معه، إذ ليس الخشوعُ أن تراه يأكل الجشب، ويلبس ويُرائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>