للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مواجب حجهم، أو ما عسى ينذرونه من أعمال البر في حجهم (وَلْيَطَّوَّفُوا) طواف الإفاضة، وهو طواف الزيارة الذي هو من أركان الحج، ويقع به تمام التحلل. وقيل: طواف الصدر، وهو طواف الوداع (الْعَتِيقِ) القديم، لأنه أول بيت وضع للناس عن الحسن. وعن قتادة: أعتق من الجبابرة، كم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه الله. وعن مجاهد: لم يملك قط. وعنه: أعتق من الغرق. وقيل: بيت كريم، من قولهم: عتاق الخيل والطير.

فإن قلت: قد تسلط عليه الحجاج فلم يمنع. قلت: ما قصد التسلط على البيت، وإنما تحصن به ابن الزبير، فاحتال لإخراجه ثم بناه. ولما قصد التسلط عليه أبرهة، فعل به ما فعل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو ما عسى ينذُرونه من أعمال البر)، فالنذرُ على هذا حقيقةٌ، وعلى الأول مجازٌ. الأساس: ومن المجاز: أعطيتُ الرجل نذر جرحه، أي: أرشه؛ لأنه مما نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أوجبه ما يوجب الرجلُ على نفسه، ولذلك قال: "مواجب حجهم".

قوله: (بيتٌ كريم)، أي: العتيق، بمعنى الكريم، الراغب: كل شيء شرُفض في بابه؛ فإنه يوصفُ بالكرم. وقال بعضهم: الكرمُ بالحرية، إلاأن الحرية قد تُقالُ في المحاسن الصغيرة؛ الكرمُ لا يقال إلا في المحاسن الكبيرة، قال الل تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: ١٣] فعُلِمَ أن الكرم أبلغُ من العتاقة.

الجوهري: العتقُ: الكرم، والعتقُ: الجمال، والعتقُ: الحرية، وكذلك العتاقُ- بالفتح- والعتاقة.

قوله: (وإنما تحصن به ابن الزبير)، قال أبو حنيفة الدينوريُّ في "الأخبار الطوال": سار الحجاجُ من الطائف حتى دخل مكة، ونصب المنجنيق على أبي قُبيس، وتحصن منه ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>