للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرجس وتجتنبونه، فعليكم أن تنفروا عن هذه الأشياء مثل تلك النفرة. ونبه على هذا المعنى بقوله (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ)] المائدة: ٩٠ [جعل العلة في اجتنابه أنه رجس، والرجس مجتنب (مِنَ الْأَوْثانِ) بيان للرجس وتمييز له، كقولك: عندي عشرون من الدراهم، لأنّ الرجس مبهم يتناول غير شيء، كأنه قيل: فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان. والزور من الزور والازورار وهو الانحراف، كما أنّ الإفك من أفكه إذا صرفه. وقيل "قَوْلَ الزُّورِ" قولهم: (هذا حلال وهذا حرام)] النحل: ١١٦ [، وما أشبه ذلك من افترائهم. وقيل: شهادة الزور. عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الصبح فلما سلم قام قائما واستقبل الناس بوجهه وقال «عدلت شهادة الزور الإشراك بالله، عدلت شهادة الزور الإشراك بالله، عدلت شهادة الزور الإشراك بالله» «١» وتلا هذه الاية. وقيل: الكذب والبهتان. وقيل: قول أهل الجاهلية في تلبيتهم: "لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك". يجوز في هذا التشبيه أن يكون من المركب والمفرق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإليه الإشارة بقوله: "كما تنفرون بطباعكم عن الرجس وتجتنبونه فعليكم أن تنفروا عن هذه الأشياء".

قوله: (جعل العلةَ في اجتنابه أنه رجس)، يعني: جمع الأشياء في معنى الرجس، ثم رتب على ذلك بالفاء قوله: (فَاجْتَنِبُوهُ) ترتُّباً للحكم على الوصف المناسب.

قوله: (عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه صلى الصبح، فلما سلم")، الحديث من رواية الإمام أحمد والترمذي وأبي داود وابن ماجه، عن أيمن بن خريم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيباً فقال: "يا أيها الناس، عدلت شهادة الزُّور إشراكاً بالله" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ).

قوله: (يجوزُ في هذا التشبيه أن يكون من المركب والمفرق)، فالمركبُ يجوزُ أن يكونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>