للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روي أن بديل بن ورقاء وبشر بن سفيان الخزاعيين وغيرهما قالوا للمسلمين: ما لكم تأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتله الله؛ يعنون الميتة.

وقال الزجاج: هو نهى له صلى الله عليه وسلم عن منازعتهم، كما تقول: لا يضاربنك فلان، أي: لا تضاربه. وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا بين اثنين.

(فِي الْأَمْرِ) في أمر الدين. وقيل: في أمر النسائك، وقرئ: "فلا ينزعنك"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا تلتفتْ إلى فساد أقوالهم، حتى إذا رأوك كذلك أمسكوا عنك، ولا يُنازعُنَّك، فلفظ النهي لهم، ومعناه له صلوات الله عليه.

هذا إذا أجريت المفاعلة على واحدٍ مبالغةً.

قوله: (وقال الزجاج)، والمذكور في كتابه: المعنى: أنه نهيٌ له صلواتُ الله عليه عن منازعتهم، كما تقولُ: لا يخاصمنك فلانٌ في هذا أبداً، وهذا جائزٌ في الفعل الذي لا يكون إلا بين اثنين؛ لأن المجادلة والمخاصمة لا تتم إلا باثنين، فإذا قلت: لا يجادلنك فلانٌ، فهو بمنزلة: لا تجادلنه، ولا يجوزُ هذا في قولك: لايضربنك فلانٌ، وأنت تريدُ: لا تضربه، ولكن لو قلت: لا يضاربنك فلانٌ، لكان كقولك: لا تُضاربنَّ فلاناً.

وقلتُ: الفرقُ بين التفسيرين هو أن الأول نهيٌ عن الكينونة على وصفٍ يكونُ سبباً لمنازعتهم، وهذا نهيٌ عن المنازعة نفسها، وكلاهما كنايتان.

قوله: (وقرئ: "فلا ينزعُنك" قال ابن جني: وهي قراءةُ لاحق بن حُميد، ظاهره: فلا يستخفنك عن دينك إلى أديانهم، فيكون بصورة المنزوع عن شيء إلى غيره، نحو قوله تعالى: (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) [الروم: ٦٠] فاثبت على دينك ولا يمل بك هواك إلى دين غيرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>