للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(بُيُوتاً فارِهِينَ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ* الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ)].

(أَتُتْرَكُونَ) يجوز أن يكون إنكارا لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم لا يزالون عنه، وأن يكون تذكيرا بالنعمة في تخلية الله إياهم وما يتنعمون فيه من الجنات وغير ذلك، مع الأمن والدّعة، (فِي مَا هَاهُنَا): في الذي استقر في هذا المكان من النعيم، ثم فسره بقوله: (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) وهذا أيضا إجمال ثم تفصيل. فإن قلت: لم قال: (وَنَخْلٍ) بعد قوله: (فِي جَنَّاتِ)، والجنة تتناول النخل أوّل شيء كما يتناول النعم الإبل كذلك من بين الأزواج، حتى أنهم ليذكرون الجنة ولا يقصدون إلا النخيل، كما يذكرون النعم ولا يريدون إلا الإبل. قال زهير:

......... تسقي جنّة سحقا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والدعة)، الجوهري: الدعة: الخفض، والهاء عوضٌ من الواو، ورجلٌ متدعٌ، أي: صاحب دعةٍ وراحة.

قوله: (وهذا- أيضاً- إجمالٌ ثم تفصيل)، يعني: كما أن قوله: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ} مجملٌ، وتفصيله: {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} واردٌ على المبالغة في التنبيه على نعم الله تعالى، كذلك قوله: {فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ} مجملٌ، وتفصيله: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} واردٌ على المبالغة في التنبيه على نعم الله تعالى، وبهذا ظهر أن الوجه الثاني، وهو أن يكون {أَتُتْرَكُونَ} تذكيراً للنعمة والهمزة للتقرير لا الإنكار والتوبيخ أولى، لأنه أوفق لتأليف النظم.

قوله: (يتناول النعم الإبل كذلك)، أي: يتناول النعم أول شيء الإبل من بين الأزواج الثمانية المذكورة في الأنعام، هذا يختلف باختلاف العرف والأمكنة، وقوم صالح عليه السلام كانوا أعراباً، وأكثر بساتينهم نخيلٌ وأعظم أموالهم إبل.

قوله: (تسقي جنةً سحقا)، أوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>