للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: من أين للهدهد التهدي إلى معرفة الله، ووجوب السجود له، وإنكار سجودهم للشمس وإضافته إلى الشيطان وتزيينه؟ قلت: لا يبعد أن يلهمه الله ذلك كما ألهمه وغيره من الطيور وسائر الحيوان المعارف اللطيفة التي لا يكاد العقلاء الرجاح العقول يهتدون لها، ومن أراد استقراء ذلك فعليه بكتاب "الحيوان"، خصوصا في زمن نبىّ سخرت له الطيور وعلم منطقها، وجعل ذلك معجزة له.

من قرأ بالتشديد أراد: (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) لئلا يسجدوا فحذف الجار مع أن. ويجوز أن تكون (لا) مزيدة، ويكون المعنى: فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (الرجاح العقول)، الأساس: ومن المجاز: رجلٌ راجح العقل، وفلانٌ في عقله رجاحةٌ، وفي خلقه سجاجةٌ، وقومٌ مراجيح العلم.

قوله: (استقراء ذلك)، الجوهري: قروت البلاد قروًا وقريتها وأقريتها واستقريتها: إذا تتبعتها تخرج من أرض إلى أرضٍ. وقيل: ألف الجاحظ كتابًا سماه "كتاب الحيوان"، وقيل: "طبائع الحيوان".

قوله: (ومن قرأ بالتشديد)، قرأ الكسائي: "ألا يا اسجدوا" بتخفيف اللام، ويقف على "ألا يا" ويبتدئ "اسجدوا" على الأمر، أي: ألا يا أيها الناس اسجدوا. والباقون: يشددون اللام لإدغام النون فيها، ويقفون على الكلمة بأسرها.

قال الزجاج: من قرأ بالتشديد فالمعنى: وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ}، أي: فصدهم لأن لا يسجدوا، وموضع "أن" نصبٌ بقوله: {فَصَدَّهُمْ}، أو يجوز أن يكون خفضًا، وإن حذفت اللام. ومن قرأ بالتخفيف فهو موضع سجدةٍ، ومن قرأ بالتشديد فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>