إذا أنت لم ترج لله وقارا. (غَنِيٌّ) عن الشكر. (كَرِيمٌ) بالإنعام على من يكفر نعمته، والذي قاله سليمان عليه السلام عند رؤية العرش شاكرا لربه، جري على شاكلة أبناء جنسه من أنبياء الله والمخلصين من عباده يتلقون النعمة القادمة بحسن الشكر، كما يشيعون النعمة المودعة بجميل الصبر.
(نَكِّرُوا) اجعلوه متنكرا متغيرا عن هيئته وشكله، كما يتنكر الرجل للناس لئلا يعرفوه. قالوا: وسعوه وجعلوا مقدّمه مؤخره، وأعلاه أسفله. وقرئ:(نَنظُرْ) بالجزم على الجواب، وبالرفع على الاستئناف (أَتَهْتَدِي) لمعرفته، أو للجواب الصواب إذا سئلت عنه، أو للدين والايمان بنبوّة سليمان عليه السلام، إذا رأت تلك المعجزة البينة، من تقدّم عرشها وقد خلفته وأغلقت عليه الأبواب، ونصبت عليه الحرس. هكذا ثلاث كلمات: حرف التنبيه، وكاف التشبيه، واسم الإشارة. لم يقل: أهذا عرشك،
قوله:(إذا أنت لم ترج لله وقارًا)، مقتبسٌ من قول نوحٍ عليه السلام على معنى:{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ}[نوح: ١٣] على معنى: ما لكم تكونون على حالٍ تأملون فيها تعظيم الله إياكم، يعني أن الله تعالى أكرمك بأن أسبغ عليك نعمة ظاهرةً وباطنةً، فإنك إن لم تشكرها أهانك، فيكشف ذلك الستر عنك، فتزول تلك النعمة، أو على معنى: ما لكم لا تخافون لله حلمًا، وترك معاجلة، يعني: أنك تماديت في المعاصي، وأن الله ستر عليك بحلمه، فعن قريبٍ يتقلص ذلك الستر، فتهلك، والأول أنسب للمقام.