للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السلام أمر قبل قدومها فبني له على طريقها قصر من زجاج أبيض، وأجرى من تحته الماء، وألقى فيه من دواب البحر السمك وغيره، ووضع سريره في صدره، فجلس عليه وعكف عليه الطير والجن والإنس، وإنما فعل ذلك ليزيدها استعظاما لأمره، وتحققا لنبوته، وثباتا على الدين.

وزعموا أنّ الجن كرهوا أن يتزوجها فتفضى إليه بأسرارهم، لأنها كانت بنت جنية. وقيل: خافوا أن يولد له منها ولد تجتمع له فطنة الجن والإنس، فيخرجون من ملك سليمان إلى ملك هو أشدّ وأفظع، فقالوا له: إن في عقلها شيئا، وهي شعراء الساقين، ورجلها كحافر الحمار فاختبر عقلها بتنكير العرش، واتخذ الصرح ليتعرف ساقها ورجلها، فكشفت عنهما فإذا هي أحسن الناس ساقا وقدما لا أنها شعراء، ثم صرف بصره وناداها: (إنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) وقيل: هي السبب في اتخاذ النورة: أمر بها الشياطين فاتخذوها، واستنكحها سليمان عليه السلام، وأحبها وأقرّها على ملكها وأمر الجن فبنوا لها سيلحين وغمدان، يزورها في الشهر مرة فيقيم عندها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنبت شيئًا. ومنه: الأمرد، لتجرده من الشعر، و {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ} [النمل: ٤٤] من قولهم: شجرةٌ مرداء، وكأن الممرد إشارةٌ إلى قول الشاعر:

في مجدلٍ شيد بنيانه … يزل عنه ظفر الطائر

قوله: (فبنوا لها سيلحين)، المغرب: وأما السيلحون فهو مدينةٌ باليمن.

وقول الجوهري: سيلحون قريةٌ، والعامة تقول: سالحون، فيه نظرٌ، وأما غمدان ففي "النهاية": بضم الغين، وسكون الميم، البناء العظيم، بناحية صنعاء اليمن، قيل: هو من بناء سليمان عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>