للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

به عما قبله ممتنعٌ إلا بتكلفٍ. وعم المازني: أن إتباع المنقطع من تغليب ما يعقل على ما لا يعقل.

قال ابن خروف: وهذا فاسدٌ، لأنه لا يتوهم ذلك إلا في لفظٍ واحدٍ، والذي يبدل منه في هذا الباب ليس بلفظٍ واحدٍ، بل أكثر من أن يحصى.

ثم قال المالكي: زعم الزمخشري أن قوله تعالى: {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} استثناءٌ منقطعٌ جاء على لغة تميمٍ لأن الله تعالى، وإن صح الإخبار عنه بأنه في السماوات والأرض، وإنما ذلك على المجاز، لأنه مقدسٌ عن الكون في مكانٍ، بخلاف غيره، فإنه إذا أخبر عنه بأنه في السموات أو في الأرض، فإنه كائنٌ فيهما حقيقةً، ولا يصح حمل اللفظ في حالٍ واحدٍ على الحقيقة والمجاز، والصحيح عندي أن الاستثناء في الآية متصلٌ، وفي متعلقه بغير "استقر" من الأفعال المنسوبة عل الحقيقة إلى الله تعالى، وإلى المخلوقين كذكر ويذكر، فكأنه قيل: لا يعلم من يذكر في السماوات والأرض الغيب إلا الله تعالى.

ويجوز تعليق "في" بـ "استقر" مسنداً إلى مضافٍ حذف، وأقيم المضاف إليه مقامه، أي: لا يعلم من استقر ذكره في السماوات والأرض الغيب إلا الله، ثم حذف الفعل والمضاف، واستتر الضمير لكونه مرفوعًا، هذا على تسليم امتناع إرادة الحقيقة والمجاز في حالةٍ واحدةٍ، وليس عندي ممتنعاً كقولهم: القلم أحد اللسانين، والخال أحد الأبوين، ولقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦]، ويمكن أن يكون {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} في موضع نصبٍ {الْغَيْبَ} بدل الاشتمال، والفعل مفرغٌ لما بعد إلا. أي: لا يعلم غيب السموات والأرض إلا الله.

وقلت: المصنف ما اختار المذهب التميمي اضطرارًا إليه، بل مراعاة لتلك النكتة، وتحقيقها على ما ذكره صاحب "المتفاح"، ومن البناء على هذا التنويع، أي: على الدعوى قوله: "تحية بينهم ضربٌ وجيعٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>