وجدّه وما لا مجال للشكّ بعده، وإنما يعنون بذلك: إظهار وقارهم وأنهم لا يعجلون بالانتقام، لإدلالهم بقهرهم وغلبتهم ووثوقهم أنّ عدوّهم لا يفوتهم، وأن الرمزة إلى الأغراض كافية من جهتهم، فعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده.
[(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ)].
الفضل والفاضلة: الإفضال. ولفلان فواضل في قومه وفضول. ومعناه: أنه مفضل عليهم بتأخير العقوبة، وأنه لا يعاجلهم بها، وأكثرهم لا يعرفون حق النعمة فيه ولا يشكرونه، ولكنهم بجهلهم يستعجلون وقوع العقاب: وهم قريش.
[(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ)].
قرئ (تَكُنّ). يقال: كننت الشيء وأكننته: إذا سترته وأخفيته، يعنى: أنه يعلم ما
راجيًا. قال تعالى:{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ}[الأعراف: ١٢٩]، أي: كونوا راجين في ذلك، {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَاتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}[المائدة: ٥٢].
قوله:(لإذلالهم بقهرهم)، أي: لوثوقهم، يقال: هو يدل بفلانٍ، أي: يثق به.
الأساس: وأدل على قريبه، ومنه: أسدٌ مدلٌ.
قوله:(الفضل والفاضلة: الإفضال)، الراغب: الفضل: الزيادة عن الاقتصاد، وذلك إما محمودٌ كفضل العلم والحلم، وإما مذمومٌ كفضل الغضب على ما يجب أن يكون عليه، والفضل في المحمود أكثر استعمالًا، والفضول في المذموم.
قوله: (قرئ: "تكن")، قال ابن جني: قراءة ابن السميفع، وابن محيصن "تكن" بفتح التاء وضم الكاف، والمألوف أكننت الشيء: إذا أخفيته في نفسك، وكننته: إذا سترته